للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الثاني: التعريف بأهم المنظومات في مصطلح الحديث]

لم يُعرف لعلم المصطلح نظمٌ قبل منتصف القرن السابع الهجري، وكانت أول منظومة في هذا العلم لا تتعدى عشرين بيتاً، نظمها أبو العباس أحمد بن فَرْح اللَّخمى الإشبيلى (٦٢٥ - ٦٩٩ هـ)، نزيل دمشق، ثم جاء بعده أبو عبد الله محمد بن أحمد الخُوَيّي الشافعي (٦٢٦ - ٦٩٣ هـ) فنظم كتاب ابن الصلاح بأكثر من ألفٍ وستمائة بيت، ثم تتبابع النظم بعد ذلك، حتى جاوز السبعين نظماً إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري. (١)

وإنما ذكرت الأولية لنظم الإشبيلي -مع أنهما متعاصران- لأن الخُوَيّي قال في آخر نظمه:

وإذْ نظَمْتُ ما أردتُ نَظْمَهُ ... ويَسَّرَ الله تعالى خَتْمَهُ

في الأولِ الأشهُرِ مبدا سَنَةِ ... إحدى وتسعين وستِمائَةِ

وقال الإمام الذهبي -في ترجمة أحمد بن فَرْح الإشبيلي-: " وله قصيدة مليحة غَزَليّة فِي صفات الحديث، سمعتها منه، أوّلها: غَرَامِي صَحِيْحٌ وَالرَّجَا فِيْكَ مُعْضَلُ .. وَحُزْنِي وَدَمْعِي مُرْسَلٌ وَمُسَلْسَلُ وهي عشرون بيتًا سمعها منه شيخانا: الدّمياطي واليونيني سنة بضع وستين". (٢)

وبهذا تتضح الأسبقية للأشبيلي بأكثر من اثنتين وعشرين سنة -على الأقل-.

وفيما يلي أشهر وأهم المنظومات في المصطلح على حسب الترتيب الزمني:

١ - "غرامي صحيح" أو " الغرامية" (٣)، نظمها: الإِمَام الحافظ الزَّاهد بقيّة السَّلَف شهاب الدِّين، أبو الْعَبَّاس أَحْمَد بن فَرْح بن أَحْمَد، اللَّخْميّ، الإشبيليّ الشّافعيّ (٦٢٥ - ٦٩٩ هـ).

ترجمته (٤): ولد بإشبيلية فِي ثالث ربيع الأوّل سنة خمس وعشرين وستّمائة، وأُسِرَ فِي أخذ الفرنج إشبيلية سنة ست وأربعين، وخلصه اللَّه، وقدِم الدّيار المصريّة سنة بضعٍ وخمسين، فتفقه بها عَلَى الشّيْخ عزّ الدّين ابن عَبْد السّلام قليلًا وسمع منه ومن غيره، وبدمشق سمع من شيخ الوقت ابن عَبْد الدّائم وغيره، وعُني


(١) انظر: المؤلفات في نظم علوم الحديث من القرن السابع إلى منتصف القرن الرابع عشر، للدكتور بدر بن محمد العمَّاش، المملكة العربية السعودية، مركز البصائر للبحث العلمي.
(٢) تاريخ الإسلام ١٥/ ٨٩٥
(٣) انظر: الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، لأبي عبد الله محمد بن أبي الفيض جعفر الحسني الإدريسي الشهير بـ الكتاني (ت ١٣٤٥ هـ)، اعتنى بها: محمد المنتصر بن محمد الزمزمي، بيروت، دار البشائر الإسلامية ص ٢١٨.
(٤) انظر: تاريخ الإسلام ١٥/ ٨٩٤، طبقات الشافعية الكبرى ٨/ ٢٦، طبقات الشافعيين ١/ ٩٤٠، شذرات الذهب ٦/ ١١٦، الأعلام ١/ ١٩٤

<<  <   >  >>