للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كان مقياسُكم هو الصواب للزم أن لا يضيع من المتواتر شيء؟

ولنا أن نسأل:

هذا الذي أضاعه تواتُركم وكان موجوداً ألا يُعدُّ ضياعُهُ انتقاصاً من القرآن؟ أن تضيع بعضُ طرائقِ قراءته؟

ولنا وقفةٌ ثانيةٌ عند مفهوم التواتر الذي يدعيه القرآنيون، وهو أن يُوكَلَ حفظ الدين والقرآن إلى التوارث جيلاً بعد جيل.

ذلك أننا وجدنا القرآن الكريم ينقض هذه المفهوم نقضاً ذريعاً، ويهتكه هتكاً مُريعاً.

يدل على ذلك:

إنّ الكتب السابقةَ لَمّا استُحفِظَ أهلُها إياها أضاعوها، والأديان المتقدمة لما اؤتُمن عليها الناسُ حرّفوها؛ وهذا دليلٌ على أنّ البشر غير قادرين بأنفسهم على الحفظ المزعوم، والصون الموهوم.

قال الله تبارك وتعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

فالحفظُ ربّانيٌّ، وهو فوقَ قدرة البشر وطبيعتهم

فإن زُعِمَ أنّ الأمة المسلمة حفظت وأحب الاستدلال بنحو قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]؛ لَكان الجواب: وكذلك فُضِّلَ بنو إسرائيل {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧].

وأذكّر بقول كبير القوم أحمد صبحي منصور:

«ونجد تواتراً في أداء الصلاة تبلغ صحته فوق التسعين في المائة، ونجد ملامح أخرى من التواتر الصحيح في جوانب أخرى تراثية، كما نجد أخطاء فادحة وابتداعات في الدين لا سبيل إلى حصرها» (١).


(١) «موقع أهل القرآن»: مقال «التواتر».
(www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php? main_id=٣٣٠٢).

<<  <   >  >>