للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: الخوارج (٢):

تمثيلاً على إنكار السنن النبوية، المروية بالأسانيد الصحيحة عن خير البرية، صلى الله عليه وسلم لدى فِرَقِ الخوارج أسوقُ هذه النماذجَ الثلاثةَ التي تؤكد أنهم لم يرُدّوا السنةَ جملةً، بل هم قد ردّوا ما لا يحلو لهم منها فحسب.

وسيأتي عن قريبٍ في خبرٍ فيه ردُّهم حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنهم بادَروا بطلب سماعِ حديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! (١).

[المطلب الأول: إنكار بعض الأحكام الشرعية الأخرى]

إنّ مما اشتُهِرَت به الأزارقة (إحدى أكبر فرق الخوارج) (٢) أنّ من بدعهم «إسقاط الرجم عن الزاني؛ إذ ليس في القرآن ذكره، وإسقاط حد القذف عمّن قذف المحصَنين من الرجال مع وجوب الحدّ على قاذف المُحصَنات من النساء» (٣).

«وأنكرت الأزارقةُ الرجمَ واستحلوا كفر الأمانة التي أمر الله تعالى بأدائها وقالوا: إن مخالفينا مشركون فلا يلزمنا إذا أمانتنا إليهم ولم يقيموا الحد


(١) قال الشهرستاني في «الملل والنحل» ص ١٣٢:
«كل من خرج عن الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان».
وقال ص ١٣٣:
«ويجمعهم القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما، ويقدمون ذلك على كلِّ طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك.
ويُكفّرون أصحابَ الكبائر، ويَرَون الخروجَ على الإمام إذا خالف السنة حقّاً واجباً».
ينظر لبيان فرقهم وعقائدهم:
«الملل والنحل» للشهرستاني ص ١٣١ - ١٦١، «الفرق بين الفرق» لعبد القاهر البغدادي ص ٧٢ - ١١٣، و «الفِصل في الملل والأهواء والنِّحل» ٥/ ٥١ - ٥٦.
(٢) سيردُ في المطلب الثالث من هذا المبحث.
(٣) تنتسب هذه الفئة إلى نافع بن الأزرق، وهي من أكثر فرق الخوارج تطرُّفاً وجرأةً في التكفير، واستباحة الدماء.
يُنظر: «الملل والنحل» ص ١٣٧ - ١٤١، و «الفرق بين الفرق» لعبد القاهر البغدادي ص ٨٢ - ٨٧، و «الفصل في الملل والأهواء والنِّحل» ٥/ ٥٢.
(٤) «الملل والنحل» للشهرستاني ص ١٤٠.

<<  <   >  >>