للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رُويَ ردُّ القاضي عبد الجبار: «خلقَ اللهُ آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ... » الحديث (١).

بزعم أنّ مثلَ هذه الأخبار لا يجوزُ التصديقُ بها إذا كانت مخالفةً للأدلة القاطعة (٢).

فإذا سألنا: ما هي الأدلة القاطعة التي يعنيها المعتزلة؟

فإن الجوابَ هو: إنها الأنظارُ العقلية الخاصّةُ بهم؛ بدليل أنّ النظّام (٣) صرّح بأنه يرى «أنّ جهةَ العقلِ تنسخ الأخبار» (٤).


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» برقم (٦٢٢٧)، ومسلمٌ في «صحيحه» برقم (٧١٦٣)، وأحمد في «مسنده» برقم (٨١٧١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
مع لزوم التفطُّن إلى أنّ القاضيَ عبدَ الجبارِ أتهاُ الحديثُ من طُرُقٍ أُخرى، وهو لم يتناوله من أيٍّ من الصحيحين، وبذلك يُردُّ من يشغّبون على الإمام البخاري وغيره من الحفاظ بفرية أنهم افتَرَوا الكثير والكثير من الأحاديث.
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [سورة الزخرف ٤٣: الآية ١٩].
(٢) «فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة» ص ١٥١.
(٣) إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، أبو إسحاق النظام، إمام النظامية من المعتزلة، تبحر في علوم الفلسفة، وتفرد بآراء خاصة، وقد ألفت كتب خاصة للرد على النظام نُقلت عنه فيها العظائم، حتى اتهم بالزندقة وكان شاعرا أديبا بليغاً، توفي سنة (٢٣١ هـ).
يُنظر لترجمته: «فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة» ص ٢٦٤ - ٢٦٥ في الطبقة السادسة منهم.
«الوافي بالوفيات» ٦/ ١٢ - ١٦ الترجمة (٩١).
(٤) نقله عنه ابن قتيبة الدينوري في «تأويل مختلف الحديث» ص ٣٢.

<<  <   >  >>