للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عزّ من قائل: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [سورة الأنعام ٦: الآية ١٢١].

إنّ من يُطالعَ أدبياتِ أعداءِ السنة من القرآنيين يَجدُهم يأتون في لَجَجِهم بأدلة نقليةٍ جُلُّها ما ساقه أسلافهم من قبلُ من آياتٍ قرآنية انتزعوها من سياقِها، وأوّلوها على غير وجهِها، وحسبوا أنّهم حسموا بذلك النزاع من المسلمين.

أما الآيات القرآنية التي يسوقُها القرآنيون، فإنّي مُورِدٌ طائفةٌ منها مبيِّناً ـ بحول الله تعالى ـ فسادَ استنادهم إليها، وبُطلانَ اتكالِهم عليها.

والعجيبُ أنهم قد يستشهدون بشيءٍ من الأحاديث النبوية، والأخبار المرويّة، وهدفُهُم التشكيك والتشتيت.

والعجبُ كلّ العجب من هؤلاء كيف يُريدون أن ينقُضوا مبدأ السنةِ ببعضِ المرويِّ فيها، وكيف يُريدون إثبات الكذب في الروايات المنسوبة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بشيءٍ من هذه المرويّات! وإنّ لي عودةً إلى هذا التعجُّبِ عما قريب بإذن الله.

وهم عصابةٌ هدفُها إشغال الأمة عن قضاياها المصيرية، وإلهاؤها عن سبيل نهضتها الحقيقية، وأنّى للأمة ذلك والطابور الخامس يفُتُّ في عضُدِها، ويطعنُها في ظهرِها؟

وصدق الشاعر:

أرى ألْفَ بانٍ لا يقومُ لهادِمٍ ... فكيف ببانٍ خلفَه ألفُ هادمِ

وصدق قبلَه ربُّ العالمين الذي وصفَ هؤلاء بقوله: {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة المنافقون ٦٣: الآية ٤].

ولكن هل نتركُ هؤلاء يُفتّتون في الأمة، وينهشون في لحمها، ويُهلكون من أبنائها من كان يجب أن يكونوا عواملَ قوةٍ وبناء؟

لقد قرَّر كثيرٌ من أهل العلم لزومَ التّصدّي لأهل البدع؛ صيانةً للأمة من شرورهم؛ «إذ حدثت البدعة الصارفة عن مقتضى القرآن والسنة، ونبتَ جماعةٌ

<<  <   >  >>