للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ رضا في ذلك: «وكنت أكتب في أثناء إلقاء الدرس مذكرات أودعها ما أراه أهم ما قاله، وأحفظ ما كتب لأجل أن أبيضه وأمده بكل ما أتذكره في وقت الفراغ، ولم ألبث أن اقترح عليَّ بعض الراغبين في الإطلاع عليه من قراء المنار في البلاد المختلفة، ومن الحريصين على حفظه من الإخوان بمصر أن أنشره في المنار، فشرعت في ذلك في أول المحرم سنة ١٣١٨ هـ وذلك في المجلد الثالث من المنار، وكنت أولاً أطلع الأستاذ الإمام على ما أعده للطبع كلما تيسر ذلك بعد جمع حروفه في المطبعة وقبل طبعه فكان ربما ينقح فيه زيادةً قليلة أو حذف كلمة أو كلمات، ولا أذكر أنه انتقد شيئاً مما لم يره قبل الطبع، بل كان راضياً بالمكتوب بل معجباً به، على أنه لم يكن كله نقلا منه ومعزوا إليه، بل كان تفسيرا للكاتب من إنشائه اقتبس فيه من تلك الدروس العالية جل ما استفاد منها، لذلك كنت أعزو إليه القول المنقول عنه إذا جاء بعد كلام لي في بيان معنى الآية أو الجملة على الترتيب، فإذا انتهى النقل وشرعت بكلام لي بعده قلت في بدئه (أقول) ولم يكن هذا التمييز ملتزماً في أول الأمر، بل يكثر في الجزء الأول مالا أعزو فيه، ومنه ما هو مشترك بين ما فهمته منه ومن كتب التفسير الأخرى، أو من نص الآية، على أنني عبرت عنه بأمالي مقتبسة، ولما كان رحمه الله تعالى يقرأ كل ما أكتبه إما قبل طبعه وهو الغالب، وإما بعده وهو الأقل، لم أكن أرى حرجاً فيما أعزو إليه مما فهمته منه وإن لم أكن كتبته عنه في مذكرات الدروس، لأن إقراره إياه يؤكد صحة الفهم وصدق العزو». (١)

واستمر الإمام محمد عبده والشيخ رضا في هذه الطريقة من التفسير من عام ١٣١٨ هـ إلى عام ١٣٤٣ هـ/ حيث توفي الإمام في هذا العام، بعدما


(١) انظر تفسير المنار (١/ ١٢ - ١٥).

<<  <   >  >>