للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} (١) وخوطب أهل الإسلام بقوله تعالي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (٢)

فليس معقولا والحالة هذه أن تكني الأحاديث عن انتشار المحبة والرحمة والسلم بنزول عيسى، لأن حصة الإسلام في هذه المعاني أكثر وأثرها فيه أظهر.

الرابع: أن أئمة الإسلام وعلماءه من الصحابة وغيرهم، عرفوا مقاصد الشريعة ولبابها، واجتهدوا قدر استطاعتهم، وخلفوا لنا ثروة علمية هائلة لم توجد في دين من الأديان، ولا ظهرت بها أمة من الأمم، ومن المحال شرعا وعادة أن يأتي من الأمة من يفوق الصحابة والتابعين وتابعيهم في فهم الشريعة وأسرارها، أو يساويهم، حتى يقال إن الأحاديث كَنَّت عنه بنزول عيسي، ثم أي علاقة بين فهم شئ وبين نزول شخص! ؟ ولم لم يغير عن هذا الفهم بنزول الخضر مثلا! ؟ .

الخامس: أن اشتهار دعوة عيسى بالرحمة والمحبة والسلم إنما أتى في هذه العصور المتأخرة لما اتصل الغرب بالشرق ودرس المستشرقون كتب الإسلام، وصاروا يتهمون الإسلام بأنه دين القسوة، ولأنه انتشر بالسيف، ويفضلون دينهم بأنه دين الرحمة والمحبة والسلم، فلما ترددت في كتبهم ومحاضراتهم هذه المطاعن، وأيدوها بفقرات من أناجيلهم، رسخ في أذهان مسلمة اليوم أن دين عيسى ما يقوله هؤلاء المستشرقون حتى صار اسم عيسى عندهم عنوانا على المعاني المذكورة، من غير أن يرد شئ من ذلك في الدين،


(١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٠٨.

<<  <   >  >>