كتاب آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

أما بالنسبة لقوله بأنها أحاديث رويت بالمعنى فهي شبهة سبق وأن ذكرها وكررها أكثر من مرة، فقد انبرى للرد على شبهته هذه الباحث تامر متولي في رسالته «منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة»، حيث أثبت أنها شبهة لا أساس لها من الصحة حيث يقول: «وأريد هنا أن أجيب وباختصار عن هذه الشبهة فأقول:

أولا: لقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه إلى نشر حديثه وحثهم على روايته بلفظه فقال: «نضر الله أمرءا سمع مقالتي فحفظها فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع» (١)

ولا ريب أن أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم كانوا يعظمون أمره ويمتثلونه، ولقد رد النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل علمه دعاءً فقال فيه: «وبنبيك الذي أرسلت» فقال الرجل: «وبرسولك الذي أرسلت» فضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدره وقال له «وبنبيك الذي أرسلت» (٢) وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم ذلك وعملوا به. ونأخذ أمثلة على حرص هؤلاء ومن بعدهم على رواية اللفظ:

أولا الصحابة:

المثال الأول: ابن عباس- رضي الله عنه - حبر الأمة- كان من المكثرين (٣) وكان

(١) هذا حديث متواتر وقد أثبت تواتره فضيلة الشيخ العلامة: عبد المحسن في دراسة وافية، انظر له: دراسة حديث «نصر الله امرءا سمع مقالتي ... »
(٢) صحيح البخاري: الصحيح، كتاب الوضوء، باب: فضل من بات على وضوء (١/ ٩٧)، رقم (٢٤٤)، والرجل هو: البراء بن عازب رضي الله عنه رواي الحديث.
(٣) انظر: أحمد شاكر: الباعث الحثيث (ص: ١٨٧).