للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو بقوله هذا يردد ما قاله قبله أستاذه وشيخه محمد عبده إذا يقول «إن إباحة تعدد الزوجات في الإسلام أمرٌ مضيق فيه أشد التضييق كأنه ضرورة من الضرورات التي تباح لمحتاجها بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من الجور». (١)

فمحمد رشيد رضا وأستاذه محمد عبده يحريان أنه لا يجوز الزواج بثانية ما دامت الزوجة الأولى في عصمته، وليس بها بأس أو عله فجاؤا بقول لم يقل به أحد من قبلهم. (٢)

وفي الحقيقة أن هذا القول بعيد كل البعد عن الصواب بل وعن الواقع، وهو أيضاً قولٌ مردود إذ لا دليل عليه لا من كتاب الله ولا من سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومازال المسلمون منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عهدنا هذا يتزوجون من غير ضرورةٍ ولا حاجة من غير نكير من أحد، فمن أين أتى الإمام محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا بهذا القيد وهو أن التعدد لا يباح إلا عند الضرورة؟

والذي عليه إجماع أهل العلم أنه يجوز للرجل أن يتزوج أكثر من زوجة، ولم يُذكر عن أحدٍ منهم أنه قيده بالضرورة والحاجة (٣)،

بل هو من الأمور المباحة التي أباحها الله لعباده حيث قال تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (٤) قال بن كثير: «أي انكحوا ما شئتم من النساء


(١) المصدر السابق (٤/ ٣٤٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) «فتح القدير» للشوكاني (١/ ٣٨٥).
(٤) النساء ٣.

<<  <   >  >>