للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أنه احتاج إلى البول ولم يجد مكانًا يصلح للقعود؛ لكون الطرف الذي يليه كان مرتفعًا، أو لنجاسة هناك، أو غير ذلك.

الثالث: أنه فعله بيانًا للجواز (١).

قوله: "قال مسدّد: فذهبت أتباعد، فدعاني حتى كنت عند عقبه"، معناه: قال مسدد في روايته بإسناده عن حذيفة أنه قال: "فذهبت أتباعد". وإنما دعاه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه تبعد إذا أراد قضاء الحاجة؛ ليكون سترًا بينه وبين المارّين، وكانت المفسدة في إدنائه منه أقل منها في ظهوره للمارين (٢)، وقد تكون المرأة والمنافق وغيرهما، ولعله كان حاقنًا، (ولم لا) (٣) يمكنه تأخير البول؛ ففي الحديث جواز البول قائمًا، لكن القعود أفضل (٤)، وجواز المسح على الخفين، وأنه يجوز في الحضر، وهو


(١) قال القاضي حسين في "التعليقة" (١/ ٣١٦) -ونقل بعضه عنه المصنف في "المجموع" (٢/ ٨٥) -: "وقيل: إنما بال قائمًا لما به من وجع البطن! لأن العرب تعالج بالبول قائمًا لوجع البطن، وهي عادة أهل هراة، فإنهم يبولون قيامًا في كل سنة مرة إحياءً لتلك السنة".
(٢) قال المصنف في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢١٣ - ٢١٤): "قال العلماء: إنما استدناه - صلى الله عليه وسلم - ليستتر به عن أعين الناس وغيرهم من الناظرين، لكونها حالة يستخفى بها، ويستحيى منها في العادة، وكانت الحاجة التي يقضيها بولًا من قيام، يؤمن معها خروج الحدث الآخر والرائحة الكريهة، فلهذا استدناه وجاء في الحديث الآخر: لما أراد قضاء الحاجة، قال: "تنحّ"، لكونه كان يقضيها قاعدًا، ويحتاج إلى الحدثين جميعًا، فتحصل الرائحة الكريهة وما يتبعها، ولهذا قال بعض العلماء في هذا الحديث: من السنة القرب من البائل إذا كان قائمًا، فإذا كان قاعدًا، فالسنة الإبعاد عنه، والله أعلم".
(٣) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "لا يمكنه".
(٤) يعجبني كلام ابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٣٣٨): "البول جالسًا أحبّ إليّ، وقائمًا مباح، وكل ذلك ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ونقله عنه المصنف في "المجموع" (٢/ ٨٥) وأقره.

<<  <   >  >>