للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فيه" بالفاء (١).

وفي الحديثين: النهي عن البول في الماء الدائم -وهو الراكد-، وقد أطلق جماعة أن هذا النهي كراهة تنزيه، والمختار أنه يحرم؛ لأنه يقذِّره، وقد يؤول إلى أن يتغير بالنجاسة فيصير نجسًا بالإجماع، مع أن مطلق النهي محمولٌ على التحريم (٢).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يغتسل فيه من الجنابة" فالمراد أنه مكروه كراهة تنزيه، وقد نص الشافعي وغيره على أنه مكروه كراهة تنزيه (٣).


= جابر، والنهي عن الاغتسال في الماء الدائم، وهو جنب، دون تعرض للبول، فورود النهي منفردًا، والاغتسال منفردًا، وعن الجمع بينهما، يضعف معنى توجيه النصب، إلا كما أسلفناه من باب التجويز اللغوي؛ لأن الحكم الشرعي لا يؤخذ من نص واحد استقلالاً، والأصل إعمال ما ورد في الباب لا الإهمال.
وانظر للاستزادة: "شرح النووي على صحيح مسلم" (٣/ ١٨٧)، "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (١/ ٢٧٢ - ٣٧٦) وبنحو ما عند المصنف في "شرح العيني على سنن أبي داود" (١/ ٢٠٧).
(١) قال ابن دقيق العيد في "الإحكام" (١/ ٢٤): "ومعناهما مختلف، يفيد كل واحد منهما حكمًا بطريق النص، وآخر بطريق الاستنباط".
وبيانه: أن الرواية التي بلفظ "منه" تدل على منع التناول بالنص، وعلى منع الانغماس بالاستنباط، والرواية التي يلفظ "فيه" بالعكس؛ أي: تدل على منع الانغماس بالنص، وعلى منع التناول بالاستنباط.
وانظر: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١/ ٢٧١).
(٢) المختار في هذه المسألة: تحريم البول في الماء القليل، إن لم يتغيّر -جاريًا كان أو راكدًا-، والكراهة في الكثير الجاري إن لم يتغيّر، فإن تغير حرم، قاله ابن الملقن في "الإعلام" (١/ ٢٧٧).
(٣) مذهب الكراهة، هو مذهب المالكية، انظر: "مواهب الجليل" (١/ ٧٦)، "منح الجليل" (١/ ٣٩)، "الخرشي" (١/ ١٧٦). =

<<  <   >  >>