للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال مكي بن عبدان سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته".

فإذا عرف وتقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما ولا ريب في تقديمها في ذلك على غيرهما، فيدفع الاعتراض من حيث الجملة". اهـ.

المفاضلة بين الصحيحين:

ثم إن العلماء اختلفوا في أي الكتابين أرجح من الآخر، فذهب جمهور المحدثين إلى ترجيح صحيح البخاري على صحيح مسلم، وذهب جماعة من العلماء من أهل المغرب وغيرهم إلى ترجيح صحيح مسلم على البخاري.

والتحقيق أن الخلاف بين الفريقين سهل، وأنه شكلي أكثر منه موضوعي، وذلك أن جهة المفاضلة مختلفة بين الفريقين.

فالجمهور رجعوا صحيح البخاري بالنظر إلى المقصد الأصلي عند المحدثين، وهو توفر الصحة، وهذا هو الحق فإن البخاري أشد اتصالا وأتقن رجالا مع صحيح مسلم كما ذكر الحافظ ابن حجر.

وقد فصل الحافظ ذلك (١) بأوجه ستة، تجتزئ منها هنا بما يلي:

١ - أن البخاري يشترط في المعنعن ثبوت اللقي بين الراويين لكي يحكم باتصال السند، أما مسلم فإنه يكتفي بإمكان اللقي مع انتقاء التدليس (٢)، ومن هنا كان شرط البخاري أشد من شرط مسلم، فيكون أصح. وهذا الوجه كاف ليكون الفيصل في ترجيح البخاري.


(١) في هدي الساري: ١: ٧ - ٨ وانظر التدريب: ٤٢ - ٤٤.
(٢) كما سيأتي في المعنعن رقم ٥٦ ص ٣٥١ - ٣٥٢. فانظره لزاما.

<<  <   >  >>