للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن الحديث الذي يحتج به إما أن يكون في أعلا درجات القبول، وهو الصحيح، أو في أدناها وهو الحسن.

حكم الحديث الحسن:

الحديث الحسن مقبول عند الفقهاء كلهم في الاحتجاج والعمل به وعليه معظم المحدثين والأصوليين، وذلك لأنه قد عرف صد راويه وسلامة انتقاله بالسند، وخفة الضبط كما عرفت لا تخرجه عن الأهلية للأدءا كما سمع، لأن المقصود أنه درجة أدنى من الصحيح، من غير اختلال في ضبطه، وما كان كذلك فإن النفس تميل إلى قبوله، ولا يأباه القلب، والظن يحسن بسلامته فيكون مقبولا.

مراتب الحديث الحسن:

تتفاوت مراتب الحديث الحسن كما تفاوتت مراتب الصحيح، وذلك بحسب قرب راوي الحسن ذاته من الصحيح في ضبطه.

وقد ذكروا هنا أمثلة من تفاوت مراتب الحسن لذاته:

فذكر الذهبي أن أعلا مراتبه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأمثال ذلك مما قيل أنه صحيح، وهو من أدنى مراتب الصحيح. ثم بعد ذلك ما اختلف في تحسينه وتضعيفه، كديث الحارث بن عبد الله (١)، وعاصم بن ضمرة.

وهكذا يتوسط الحديث الحسن بين منزلتي الصحة والضعف، وقد يكون أدنى إلى الصحة حينا، وأدنى إلى الضعف حينا آخر، ولا تزال مثل هذه الحال مثار اجتهاد العلماء وتحريهم، وموضع تخوفهم، حتى عسر التعبير عن الحسن وضبطه على بعض منهم لأنه أمر


(١) هو الحارث الأعور، قارن هذا بترجمته في الميزان للذهبي، وتأمل.

<<  <   >  >>