للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تولى السعاية فعزر رجلًا فمات، وأنه لم يَرو لِعَليّ -رضي الله عنه- فضيلةً قط، وأنه كان مروانيًا -يعني يميل إلى آل مروان من بني أمية- وأن ابن المسيب بلغه تحديثه بحديث: لا تُناشِدُوا الخلفاء بالله، فقال فيه ما رغب المؤلف عن ذكره، وذلك كناية عن حكاية لعن ابن المسيب للزهري، كما صرح به البلخي في كتابه المذكور، وأن عمر بن عبد العزيز لما قدم عليه الزهري أخرجه من عسكره، بسبب روايته حديث المناشدة، وانتقاصِه لِعَلي -رضي الله عنه- ونقل أيضًا عن شيخه ابن دقيق العيد ما يفيد نقد أبا حازم -سلمة بن دينار- للزهري. وبذلك أنهى الترجمة دون أي تعقيب على كل ما ذكرته (١) وهذا مما يُنتقَد على المؤلف من غير وجه:

أولًا: أنه اكتفى بوصف هذه الانتقادات كلها بأنها من غرائب الجرح، وهذا لا يكفي في ردها، بل كان يلزمه الرد على كل قضية منها تفصيلًا، حتى لا يغتر بها من يطلع عليها، ممن ليس خبيرًا بما يُقبل وما يُرد من نقد الرواة، ولكي يَسْلَم للزهري توثيق الجمهور له.

ثانيًا: أن البلخي هذا الذي نقل المؤلف عن كتابه تلك المطاعن، مطعون فيه، فقد انتهت إليه رياسة المعتزلة، وكان داعية للاعتزال، وكان بعض النقاد يكفره، وكتابه هذا الذي نقل المؤلف عنه وصفَه الحافظ ابن حجر بالاشتمال على الغض من أكابر المحدثين، وذِكْر مثالبهم، سواء كانت قادحة أم لا، كما ذكرتُه في التعليق على هذا الموضع، وبالتالي، ما كان للمؤلف أن يورد ما جاء في هذا الكتاب بشأن الزهري، دون أن يبين شأن الكتاب وشأن مؤلفه، ثم يَرُد على ما جاء به، ولقد قمت بحمد الله تعالى من جانبي في التعليق على هذا الموضع من الشرح بالرد على كل تلك الطعون بحيث يبقى للزهري توثيقُه اللائق به، والمتفق عليه من الجمهور، وبينت أيضًا شأن البَلخي، وشأن كتابه حتى لا يغتر أحد بما فيه سواء عن الزهري أو عن غيره.


(١) الشرح/ ق ٢٩ أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>