للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين)

وَالْقُرْآن قد أخبر بِأَن الْعباد يُؤمنُونَ ويكفرون ويفعلون ويعملون ويكسبون ويطيعون ويعصون ويقيمون الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة ويحجون ويعتمرون وَيقْتلُونَ ويزنزن وَيَسْرِقُونَ ويصدقون ويكذبون ويأكلون وَيَشْرَبُونَ ويقاتلون ويحاربون فَلم يكن من السّلف وَالْأَئِمَّة من يَقُول أَن العَبْد لَيْسَ بفاعل وَلَا مُخْتَار وَلَا مُرِيد وَلَا قَادر وَلَا قَالَ أحد مِنْهُم أَنه فَاعل مجَازًا بل من تكلم مِنْهُم بِلَفْظ الْحَقِيقَة وَالْمجَاز متفقون على أَن العَبْد فَاعل حَقِيقَة وَالله تَعَالَى خَالق ذَاته وَصِفَاته وأفعاله فَكل مَا يَقع من الْعباد بإرادتهم ومشيئتهم فَهُوَ الَّذِي جعلهم فاعلين لَهُ بمشيئتهم وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يكرههم على مَا لَا يريدوه كَمَا يكره الْمَخْلُوق الْمَخْلُوق وَمن قَالَ لَا مَشِيئَة فِي الْخَيْر وَلَا فِي الشَّرّ فقد كذب وَمن قَالَ أَنه يَشَاء شَيْئا من الْخَيْر وَالشَّر بِدُونِ مَشِيئَة الله فقد كذب بل لَهُ مَشِيئَة لكل مَا يَفْعَله بِاخْتِيَارِهِ من خير وَشر وكل ذَلِك إِنَّمَا يكون بِمَشِيئَة الله وَقدرته فَلَا بُد من الْإِيمَان بِهَذَا وَهَذَا ليحصل الْإِيمَان بِالْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد وَالْإِيمَان بِالْقدرِ خَيره وشره وَإِن مَا أصَاب العَبْد لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه

وَقَالَ ابْن الْقيم إِن مرتبَة الْمَشِيئَة قد دلّ عَلَيْهَا إِجْمَاع الرُّسُل من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم وَجَمِيع الْكتب الْمنزلَة من عِنْد الله والفطرة الَّتِي فطر الله عَلَيْهَا خلقه وأدلة الْعُقُول والعيان وَلَيْسَ فِي الْوُجُود مُوجب وَمُقْتَضى إِلَّا مَشِيئَة الله وَحده فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن هَذَا عُمُوم التَّوْحِيد الَّذِي لَا يقوم إِلَّا بِهِ والمسلمون من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم مجمعون على أَنه مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>