للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلُوبَهُمْ ضَيِّقَةً حَرِجَةً وَجَعَلَ عَلَيْهَا أَكِنَّةً وَمَنَعَهَا الطَّهَارَةَ فَصَارَتْ رِجْسَةً لِأَنَّهُ خَلَقَهُمْ لِلنَّارِ , فَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَبُولِ مَا يُنَجِّيهِمْ مِنْهَا , فَإِنَّهُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: ١٧٩]. وَقَالَ تَعَالَى {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: ١١٩]. فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَانُ بِهِ , وَأَنْ يَرُدُّوا عِلْمَ ذَلِكَ وَمُرَادَ اللَّهِ فِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَيَحْمِلُ جَهْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَتَفَكَّرُوا فِيهِ وَلَا يَقُولُوا: لِمَ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ , وَلَا كَيْفَ صَنَعَ ذَلِكَ , وَفَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ عَدْلٌ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ , لِأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالْمُلْكَ مُلْكُهُ , وَالْعَبِيدَ عَبِيدُهُ , يَفْعَلُ بِهِمْ مَا يَشَاءُ، وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ , وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيُغْنِي مَنْ يَشَاءُ , وَيُفْقِرُ مَنْ يَشَاءُ , وَيُسْعِدُ مَنْ يَشَاءُ وَيَحْمَدُهُ عَلَى السَّعَادَةِ , وَيُشْقِي مَنْ يَشَاءُ وَيَذُمُّهُ عَلَى الشَّقَاءِ، وَهُوَ عَدْلٌ فِي ذَلِكَ , لَا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] وَاخْتَصَّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَحَبَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ , وَكَرَّهَ إِلَيْهِمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ , وَسَمَّاهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>