للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْنَا: بَلَغَكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: لَا. قُلْنَا: فَهَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِي كُتُبِهِ السَّالِفَةِ، أَوْ قَالَهُ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ؟ قَالُوا: لَا، وَلَكِنَّ الْمَعْقُولَ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، قُلْنَا: فَهَلْ يَجُوزُ لِمَخْلُوقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ وَكَوَّنَهُ أَنْ يَقُولَ {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]؟ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُكَلِّمَ لِمُوسَى كَانَ غَيْرَ اللَّهِ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقًا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَأَنَّ مُوسَى أَجَابَهُ وَعَبَدَهُ مِنْ دُونِهِ، وَمَضَى إِلَى فِرْعَوْنَ بِرِسَالَةِ مَخْلُوقٍ، وَأَمَرَ فِرْعَوْنَ أَنْ يَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا وَصَفَ بِهِ كِتَابَهُ {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٥]، وَقَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤] فَقَدْ عَلِمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَفَصِيحِ اللِّسَانِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَلَامٌ إِلَّا مِنْ مُتَكَلِّمٍ، كَمَا لَا يَكُونُ رَسُولٌ إِلَّا مِنْ مُرْسَلٍ، وَلَا عَطَاءٌ إِلَّا مِنْ مُعْطٍ وَقَالَ تَعَالَى {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، فَأَدْخَلَ {تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] تَأْكِيدًا لِلْكَلَامِ وَلِنَفْيِ الْمَجَازِ، فَإِنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يَقُولَ إِنْسَانٌ: كَلَّمْتُ فُلَانًا فِي كِتَابِي وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِي تَكْلِيمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>