للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(رزقه) قليلًا أو كثيرًا، حلالًا أو حرامًا، ومن أي جهةٍ هو، ونحو ذلك، وهو ما يُتَناول لإقامة البدن وانتفاعه ولو حرامًا، خلافًا للمعتزلة.

(وأجله) طويلًا أو قصيرًا، وهو مدة الحياة (وعمله) صالحًا أو فاسدًا، وفي رواية حذفه (١) (وشقي) في الآخرة، خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو شقي (أو سعيد) فيها.

والمراد بأمر الملك بذلك: إظهار ذلك له، وأمره بإنفاذه وكتابته، وإلَّا. . فقضاء اللَّه تعالى وعلمه وإرادته لكل ذلك سابق على ذلك في الأزل لقدمه، وفي خبر عند البزار: أن كتابة ذلك ككل ما هو لاقٍ يكون بين عينيه (٢)، وفي حديثٍ آخر: أنه يكتب ذلك في صحيفةٍ بين عيني الولد، وهذه الكتابة غير كتابة المقادير السابقة على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ كما في خبر مسلم (٣).

وظاهر الحديث: أن كل أحدٍ يكتب فيه ذلك، وتجويزُ بعضهم أن المراد: ذكر جملة ما يؤمر به، لا أن كل شخصٍ يُؤمَر فيه بهؤلاء الأربع. . يحتاج لدليل.

وظاهر الحديث أيضًا: الأمر بكتابة تلك الأربع ابتداءً، وليس مرادًا، وإنما المراد -كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة-: أنه يؤمر بذلك بعد أن يسأل عنها فيقول: يا رب؛ ما الرزق؟ ما الأجل؟ ما العمل؟ وهل هو شقيٌّ أو سعيدٌ؟

فمن تلك الأحاديث: "إن النطفة إذا استقرَّت في الرحم. . أخذها الملك بكفِّه فقال: أي رب؛ أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ ما الأجل؟ ما الأثر؟ بأي أرضٍ تموت؟ فيقال له: انطلق إلى أم الكتاب -أي: اللوح المحفوظ، وقد يطلق على


= وكاف مفتوحة، ومثناة ساكنة، ثم موحدة على البدل من قوله (أربع)، والآخر: بتحتانية مفتوحة بصيغة الفعل المضارع على الاستئناف، ورواية البخاري: (فيكتب) بزيادة الفاء، ورُوي بفتح الياء وضمها فيهما؛ أي: في رواية البخاري، ورواية المؤلف على الضبط الثاني مبنبًا للفاعل أو للمفعول وهو أوجه؛ لأنه وقع في رواية آدم وأبي داوود وغيرهما: "فيؤذن بأربع كلماتِ فيكتب". انتهت، وهي مأخوذة من "فتح الباري" (١١/ ٤٨٢) اهـ "مدابغي"
(١) عند البخاري (٦٥٩٤) عن سيدنا ابن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٢) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٩٦) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما، وعزاه للبزار وأبي يعلى.
(٣) صحيح مسلم (٢٦٥٣) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>