للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتذكيرهم باللَّه وأحكامه وحكمه ومواعظه، لكن برفقٍ ولطفٍ، وإعلامهم بما غفلوا عنه، أو لم يبلغهم من حقوق المسلمين، وتألُّف قلوب الناس لطاعتهم، وعدم إغرائهم بالثناء الكاذب عليهم.

والعلماءُ بقبول ما رووه، وتقليدهم في الأحكام، وإحسان الظن بهم، وإجلالهم وتوقيرهم، والوفاءِ بما يجب لهم على الكافَّة من الحقوق التي لا تخفى على الموفقين.

(وعامتهم) بإرشادهم لمصالحهم في أمر آخرتهم ودنياهم، وإعانتهم عليها بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسدِّ خلاتهم (١)، ودفع المضارِّ عنهم، وجلب المنافع إليهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر بشروطه المقررة في محلِّها (٢)، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتعهدهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، وأن يحبَّ لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من الشر، والذب عن أموالهم وأعراضهم، وحثهم على التخلق بجميع ما مر في تفسير النصيحة، اقتداءً بما كان عليه السلف الصالح رضي اللَّه تعالى عنهم، بل منهم من بلغت به النصيحة إلى أن أضرت بدنياه ولم يبالِ بذلك.

وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحدٍ. . وعظوه سرًّا، حتى قال بعضهم: مَنْ وعظ أخاه سرًا. . فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس. . فإنما وبَّخه، ومن ثم قال الفضيل: (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير) (٣).

ثم هي قد تجب عينًا، وقد تجب على الكفاية كما يعلم من أقسامها التي ذكرناها.

نعم؛ شرط وجوبها بقسميه: أن يأمن من لحوق ضررٍ له في نفسه، أو نحو ماله، لا العلم بقبول نصحه؛ لِمَا صرحوا به من وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن علم أنه لا يسمع له، ومن ثَمَّ يندب له السلام ولو على من علم منه أنه لا يرد.


(١) أي: حاجاتهم وفقرهم.
(٢) قوله: (وأمرهم بالمعروف. . . إلخ) أي: أمرهم بواجبات الشرع، ونهيهم عن محرماته إذا لم يخف على نفسه أو ماله أو غيره مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع، ولا ينكر إلا ما يرى الفاعل تحريمه. اهـ "مدابغي"، وانظر عبارة الشارح في شرح الحديث الخامس والعشرين (ص ٤٣٧).
(٣) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٩٥) بأتمَّ مما هنا.

<<  <   >  >>