للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واقفةٌ إلا لحاجة، ولا يحلب منها ما يضر ولدها، ولا يُشوى السمك والجراد حتى يموت.

وقد حكى ابن حزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبحة.

وأسهل وجوه قتل الآدمي ضرب عنقه بالسيف، وورد في تحريم المثلة أحاديث كثيرة؛ منها: "من مثَّل بذي روحٍ ثم لم يتُب. . مثَّل اللَّه به يوم القيامة" (١)، وهو مخصوصٌ بغير القاتل الممثل؛ لأنه صلى اللَّه عليه وسلم (رضخ رأس يهوديٍّ بين حجرين) (٢) لفعله ذلك بجارية من جواري المدينة.

وعن جمعٍ من السلف: أنَّ مَنْ قُتل لكفرٍ أو ردةٍ يمثَّل به بالحرق بالنار، وروي عن أبي بكر وخالد بن الوليد رضي اللَّه عنهما وغيرهما شيء من ذلك (٣)، وصح عن عليٍّ كرم اللَّه تعالى وجهه أنه حرَّق المرتدين، فأنكر ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما عليه (٤).

وأصل ذلك: فعله صلى اللَّه عليه وسلم بالعرنيين حيث (قطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا) (٥)، وفي رواية: (ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا) (٦)، وفي أخرى: (وسُمِرت أعينهم، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون) (٧)؛ وذلك لأنهم قتلوا، وأخذوا المال، وارتدوا.

وأجيب بأن هذا كان قبل تحريم المثلة، وبأن أعينهم إنما سملت؛ لأنهم فعلوا ذلك بالرعاة؛ كما أخرجه مسلم (٨)، وذكر ابن شهاب: أنهم قتلوا الراعي ومثلوا به،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٩٢) عن سيدنا ابن عمر رضي اللَّه عنهما.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤١٣)، ومسلم (١٦٧٢) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه. وهذا يخالف ما قدمه في شرح الحديث الرابع عشر (ص ٣١٢) من أنها (يهودية) بالتأنيث، وما هنا من الذكير موافقٌ لما في "شرح المسعودي" و"المناوي" وغيرهما، وهو الصواب. اهـ هامش (غ)
(٣) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (٥/ ٣١٤).
(٤) أخرجه ابن حبان (٥٦٠٦)، وأبو داوود (٤٣٥١)، والترمذي (١٤٥٨).
(٥) أخرجه مسلم (١٦٧١) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه. والسمل: أن تفقأ العين بمسمارٍ محميٍّ بالنار، وبنفس المعنى: وسُمِرت أعينهم.
(٦) عند مسلم (١٠/ ١٦٧١) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٧) عند البخاري (٢٣٣)، ومسلم (١٦٧١/ ١١) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.
(٨) صحيح مسلم (١٦٧١/ ١٤) عن سيدنا أنس رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>