للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبها، وفضائلها كثيرةٌ شهيرةٌ، بينتها في كتابٍ مستقل مع ما يتعلَّق بها ويلائمها من الأحكام وغيرها (١).

(وصلاة الرجل) (٢) خص بالذِّكر؛ لأن السائل رجلٌ، أو لأن الخير غالبٌ في الرجال؛ إذ أكثر أهل النار النساء، لا للاحتراز عن المرأة؛ لأنها مثله في ذلك.

(من) أي: (في) وبها عبَّر في بعض النسخ، ويحتمل كونها لابتداء الغاية -أي: الجوف مبدأ للصلاة- وللتبعيض؛ أي: صلاته بعض الجوف؛ أي: فيه.

(جوف الليل) إذ هي فيه مطلقًا أفضل منها في النهار؛ لأن الخشوع والتفرغ فيه أسهل وأكمل، ومن ثم كانت بابًا عظيمًا من أبواب الخير؛ لأنه يتوصَّل بها إلى صفاء السِّر، ودوام الشهود والذِّكر، ثم هي فيه بعد النوم أفضل منها فيه قبله، ويحصل فضل قيامه بصلاة ركعتين؛ لخبر: "من قام من الليل قدر حَلَبِ شاة. . كتب من قُوَّام الليل" (٣).

واختلفوا في أفضل أجزائه، والذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة: ما ذهب إليه الإمام الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه من أنه إن جزَّأه نصفين. . فالنصف الثاني أفضل، أو أثلاثًا. . فالثلث الأخير أفضل، أو أسداسًا. . فالسدس الرابع والخامس أفضل، وهذا هو الأكمل على الإطلاق؛ لأنه الذي واظب عليه النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقال فيه: "أفضل الصلاة صلاة أخي داوود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه" (٤).


(١) وهو كتاب: "فضائل الصدقة وأحكامها وأنواعها".
(٢) قوله: (وصلاة الرجل) قال البيضاوي: هو مبتدأ، خبره محذوف؛ أي: كذلك يطفئ الخطيئة، أو: هي من أبواب الخير، والأول أظهر؛ لاستشهاده صلى اللَّه عليه وسلم بالآية، وهي متضمنةٌ للصلاة والإنفاق. نقله الطيبي، ثم قال: والأظهر: أن يقدر الخبر: (شعار الصالحين) كما في "جامع الأصول"، ويفيد فائدة مطلوبة زائدة على القرينتين؛ وهي أنهما كما أفادتا المباعدة عن النار فتفيد هذه الإدخال في الجنة؛ كما قال تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} اهـ "شبرخيتي" (ص ٢٤٢)
(٣) أخرج الطبراني في "الأوسط" (٤١٢٨) عن سيدنا جابر رضي اللَّه عنه، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لا تدعَنَّ صلاة الليل ولو حلب شاةٍ".
(٤) أخرجه البخاري (١١٣١)، ومسلم (١١٥٩/ ١٨٩) بنحوه عن سيدنا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما.

<<  <   >  >>