للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(منكرًا) وهو: ترك واجب، أو فعل حرام (١)، صغيرةً كان أو كبيرةً، خلافًا لما قد يتوهم من كلام الإمام الآتي.

(فليغيره) وجوبًا بالشرع لا بالعقل -خلافًا للمعتزلة- على الكفاية إن علم به أكثرُ من واحدٍ، وإلَّا. . فهو فرض عينٍ، وذلك للكتاب والسنة والإجماع أيضًا (٢)، ومخالفةُ بعض الرافضة فيه لا يعتدُّ بها قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} والآيات في هذا كثيرة.

وصح أنه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهوُنَّ عن المنكر، أو ليعمَّنَّكم اللَّه بعذابٍ من عنده" (٣).

وفي حديثٍ آخر: "إن اللَّه لا يُعذِّب العامة بعمل الخاصة، ولكن إذا عُمل المنكر جهارًا. . استحقوا العقوبة كلهم" (٤) والأحاديث في ذلك كثيرةٌ أيضًا.

(بيده) إن توقَّف تغييره عليها؛ ككسر أواني الخمر وآلات اللهو بشرطه الآتي، وكمنع ظالمٍ من نحو ضربٍ.

(فإن لم يستطع) الإنكار بيده بأن خشي إلحاق ضررٍ ببدنه أو أخذ مالٍ له، وليس من عدم الاستطاعة مجرد الهيبة، وعلى ذلك حمل خبر الترمذي وغيره: "ألَا لا يمنعنَّ رجلًا هيبةُ الناس أن يقول بحق إذا علمه" (٥) وسيأتي لذلك مزيد.


(١) قوله: (أو فعل حرام) وإن لم يأثم فاعله، كأن رأى صبيًا يزني بصبيةٍ أو يلوط بصبيٍّ؛ أي: يقع منه صورة الزنا واللواط، فيؤمر بالكف نهيًا عن المنكر وإن كان الفاعل لا يتعلَّق به تكليف. قال الأستاذ البكري في "شرح العباب" في شروط الصلاة: وظاهر أن هذا في صبي له نوع تمييز، وأن المجنون مثله. اهـ، فلا يشترط في النهي عن المنكر أن يكون المتلبس به عاصيًا، فيشتمل ما مر، ونحوه كقتال الباغي المتأول، وقتل الصائل من صبي أو مجنون إذا لم يمكن دفعهما إلا بالقتل، فتأمل. اهـ "مدابغي"
(٢) سقطت كلمة: (والسنة) من النسخ جميعها إلا من (غ).
(٣) أخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (٣٣٠). والمعنى: واللَّهِ، لا بد من حصول أحد هذين الأمرين إما أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر، وإما أن يعمكم اللَّه تعالى بعذاب من عنده، وفي رواية: "أو ليسلطنَّ اللَّه تعالى عليكم شراركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم" اهـ هامش (غ)
(٤) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ١٩٢)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ١٣٨) بنحوه عن سيدنا العرس بن عميرة رضي اللَّه عنه.
(٥) سنن الترمذي (٢١٩١) عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>