للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآثار، أو الاستئناس بموضوع الأخبار (١)، بل اعتمد على كتاب الله وما صَحَّ من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع إيداعه فيه خلاصة نظره الاجتهادي وعمله النقدي لأقوال أئمة التصوف (٢) وأقطابه (٣)، وأعتقد أنه بهذا العمل الجليل كان مبتكراً ومؤسساً لطريقة جديدة في خدمة الجانب التبتلي في الفكر الِإسلامي، وهذا المنهج الجديد هو الذي درج عليه الشاطبي في الاعتصام وابن الحاج العبدري في المدخل (٤).

أما عن الكتاب ومضمونه، فيقول المؤلف في ديباجته:

" ... إلى زمرة المريدين وإلى الطالبين السالكين في سبيل الدين والمتوجهين إلى الحق المبين، سلام عليكم أما بعد: فإني أعظكم بواحدة، وهي أن تصغوا إلى مبتدئي ومنتهاي، فإن الذي أورده عليكم وأجلوه لديكم عقائل أتمنى إبرازها في منصة العقائد، وأنظم لها صفات الهدى والضلال على وجه يأتي عليه الشرح والِإجمال حسبما تقتضيه الحال. وقد كنت أفضت في "أنوار الفجر بمجالس الذكر" في أنواع العلوم الشرعية من التوحيد


(١) وبصنيعه هذا فإن الصوفية لم يعتبروه من الذين وصلوا -بزعمهم- إلى مقام المعرفة الصوفية الكاملة، يقول المتصوف أحمد بن زروق في قواعد التصوف: ٣٥ (ط: الكليات الأزهرية ١٩٧٦): "وللمحدث تصوف حام حوله ابن العربي في سراجه"، وانظر هذا القول في "محاضرات الحسن اليوسي المغربي: ١/ ١٩٢ - ١٩٣ (ط: المغرب الِإسلامي: ١٤٠٢).
(٢) لا شك أنه جدّ خبير بأقوالهم وما تشتمل عليه من إشارات ودقائق، كيف لا وهو الذي يقول في قانون التأويل: "وأفنيت عظيماً من الزمان في طريقة الصوفيين، ولقيت رجالاتهم في تلك البلاد أجمعين .. " ويقول في موضع آخر: "ولم أزل أطلب هذا الفن في مظانه وفي مراجعة شيوخه حتى وقفت على حقيقة مذهبه .. ".
(٣) استعمالي لكلمة "قطب" هو استعمال لغوي صرف. يقال: فلان قطب بني فلان أي: سيدهم الذي يدور عليه أمرهم، وينبغي التنبيه على أن مفهوم القطبية عند الصوفية فيه من التجاوزات ما لا يعلمه إلاَّ الله، انظر على سبيل المثال: الشريف الجرجاني: التعريفات: ٩٤، واصطلاحات الصوفية الواردة في الفتوحات المكية: ١٣٨ (هذه الرسالة الأخيرة ملحقة بالتعريفات ط: الدار التونسية: ١٩٧١).
(٤) انظر النقول المتفرقة عن ابن العربي ١/ ١١٠، ١١٤، ٢١١، ٤/ ٢٥، ١٧١، ٢١٨ من المد

<<  <   >  >>