للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العفة]

العفة كما يعرفها الغزالي هي: "فضيلة القوة الشهوية وهي انقيادها على يسر وسهولة للقوة العقلية حتى يكون انقباضها وانبساطها بحسب إشارتها" (١).

وقد انتقد ابن العربي تعريفهم هذا، وأشار إلى أنهم جعلوا لذلك أسباباً من الحساب في الجوع والعطش، وحملوا تقليلها على تقليل الطعام والشراب، وتكثيرها على كثرتهما، ونفى أن يكون الأمر كما يزعمون لا سيما وأن زعيم الفلاسفة الأكبر أرسطو يقرر أنه ليس يوجد اعتدال بحال.

واستند ابن العربي في بيان حقيقة العفة إلى بناء الكلمة اللغوي، فأوضح أن بناء "ع ف ف" وبناء "ك ف ف" هو على بناء "ت ر ك" والترك هو عبارة عن فعل، وأشار إلى أن الفلاسفة والقدرية قد جهلوا ولم يتحققوا معنى "الترك" فضلوا عن السبيل، وإنما الذين أدركوا هذا المعنى هم أهل السنة والجماعة (٢)

ثم بين أن العفة هي ترك الأفعال القبيحة إذا علم قبحها وتحقق مضرتها (٣)، ويعرفها في "قانون التأويل" بقوله:

"هي كف النفس عن المكروه، وبها يكون الحياء والصبر والسخاء والورع والقصد والتؤدة وحسن السجية، وبها تتنزه النفس عن الشره والجمود" (٤).

ولا ينسى ابن العربي -وهو الإِمام الغيور على مقدسات هذه الأمة- أن يضع لنا بعض القواعد المنهجية التي تعرف بها دسائس وخبايا الملل والنحل المناهضة للِإسلام فيقول:


(١) معارج القدس: ٨٩ وانظر ميزان العمل: ٢٦٩، وابن مسكويه: تهذيب الأخلاق: ١٨، ٢٠، ٢٧.
(٢) العواصم من القواصم: ٢٥٧.
(٣) م، ن: ٢٥٧.
(٤) صفحة: ٨٠.

<<  <   >  >>