للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المحكم والمتشابه في القرآن الكريم]

[أما المحكم في القرآن فله ثلاث إطلاقات]

أولاً: القرآن كله محكم، قال الله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: ١] فإن لفظ الحكيم هنا بمعنى المحكم، فهو "فعيل" بمعنى "مفعل" (١).

وقال جلّ جلاله: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: ١] ومعنى الآية أنه محكم لا اختلاف فيه ولا اضطراب يصدق بعضه بعضاً، فصيح الألفاظ، صحيح المعاني، يهدي إلى الطريق المستقيم (٢).

ثانياً: القرآن كله متشابه، قال الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: ٢٣].

قال العلماء: إن المراد من وصف القرآن الكريم هنا بأنه كله متشابه -في حين أنه وصف في آيات أخرى بأنه كله محكم- أن بعضه يشبه بعضاً في الحق والصدق وفي سلامته من التناقض والاختلاف، كذلك يشبه بعضه بعضاً في هدايته وبلاغته وإعجاز ألفاظه وهو عكس المتضاد المختلف المذكور في قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢] فلا تعارض إذاً بين وصف القرآن


(١) لسان العرب: ١٢/ ١٤١.
(٢) ابن تيمية: الإكليل (ضمن الرسائل الكبرى): ٥/ ٧، الصنعاني، ترجيح أساليب القرآن: ١٤٤، السيوطي: الإتقان: ٢/ ٢، القاسمي محاسن التأويل: ٣/ ٧٥٢، رشيد رضا: تفسير المنار ٣/ ١٦٣، الزرقاني: مناهل العرفان: ٢/ ١٦٧.

<<  <   >  >>