للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهما اسمان مشتقان، وإذا علق الشارع الحكم على اسم جامد أفاد ما تفيده الإِشارة وهي بيان المحل خاصة، وإذا علق الحكم على اسم مشتق أفاد تعليل الحكم بمعنى الاسم، وهذا بين في الأصول معلوم بالدليل، والثيوبة والبكارة اسمان مشتقان، فعلق الحكم بمعنى البكارة وهو الاستحياء، ولذلك قال في الحديث:

"وَالبكْرُ تُسْتَأمَرُ في نَفْسِهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله: إِنَّهَا تَسْتَحِي، قَالَ: إِذْنُهَا صمَاتُهَا".

فعلل الصمات بالحياء، وَهِيَ بَعْدَ الزنَا أشَدُّ حياء منها قبل الزنا، مع ما في النطق من إشاعة الفاحشة (١)، فأعجب الحُلْوَانيَّ كلامي وقال: وكذلك والله أعربت عن نفسك وأبنت عن مكانك، وأدنى مجلسي، وبقيت لديه مكرماً حتى فارقته.

ثم فاوضت بعد ذلك العلماء، وواظبت المجالس، واختصصت بفخر الإِسلام أبي بكر الشاشي (٢)، فقيه الوقت وإمامُه، فطلعت لي شموس المعارف، فقلت: الله أكبر هذا هو المطلوب الذي كنت أصمد، والوقت الذي كنت أرقب وأرصد (٣)، فدرست وقَيَّدْتُ وارتويت وسمعت ووعيت


(١) انظر العارضة: ٥/ ٢٨.
(٢) هو محمد بن أحمد، رئيس الشافعية المعروف بالمُسْتَظْهِري، كان يلقب بالخبير لدينه وورعه وعلمه وزهده (ت: ٥٠٧)، طبقات الشافعية: ٦/ ٧٠، تذكرة الحفاظ: ٤/ ١٢٤١، شذرات السنة: ٤/ ١٦ - ١٧.
(٣) أي الوقت الذي كان يُعِدُّ له.

<<  <   >  >>