للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكشف عن وجهه وقبله، وقال بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً ... الحديث (١). إلى أن خرج وصعد المنبر فقال: أيها الناس: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ..... الآية} [آل عمران: ١٤٤].

فخرج الناس في سكك المدينة يتلونها كأنها لم تنزل إلاَّ ذلك اليوم (٢).

واختلف الناس أين يدفن؟ فقال قوم: يدفن بالبقيع، وقال قوم: بمكة، وقال قوم: ببيت المقدس إذا فتحت يحمل إليها. فقال لهم أبو بكر: سمعته - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَا دُفِنَ قَط نَبِي إلا حَيْثُ مَاتَ" (٣). واختلفوا في ميراثه، فقال أبو بكر: سمعته يقول: "لا نورِّثُ" (٤) فتذكروا قوله ورضوا حكمه، وارتدت العرب بمنع الزكاة فجزع جميع الناس وأشاروا عليه بترك الزكاة حتى يتمكن الإِسلام فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة (٥).

وأرسل جيش أسامة (٦) على ما كان بَعَثَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته.

فقالوا: كيف تترك المدينة والعرب قد ارتدت حولها؟ فقال: والله لو لعبت


(١) انظر البخاري في فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: ٥/ ٨، والنسائي في الجنائز: ١/ ٢٧٠ رقم ١٤٦٦، ومسند أبي بكر للسيوطي رقم: ٤٩٤ (ط: الغماري).
(٢) انظر البخاري في الجنائز: ٢/ ٩١، الإِمام أحمد ٦/ ٢٢٠.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ كتاب الجنائز، بَلَاغاً: ٢/ ٢٣١.
(٤) هذا جزء من حديث طويل رواه البخاري في فضائل أصحاب النبي ٨/ ١٨٥، ومسلم في الجهاد رقم: ١٧٦٠، والترمذي في السير رقم: ١٦١٠، وأبو داود في الخراج رقم: ٢٩٦٣، والنسائي في قسم الفيء: ٧/ ١٣٢، وانظر السيوطي: مسند أبي بكر: ١٠٢.
(٥) رواه البخاري في استتابة المرتدين ٩/ ١٩١، ومسلم في الإيمان: ١/ ٥٢، ومالك في الموطأ كتاب الزكاة: ١/ ٢٦٩، والترمذي في الإيمان رقم: ٢٦١، وأبو داود في الزكاة رقم ١٥٥٦، والنسائي في الزكاة: ٥/ ١٤، وانظر مسند أبي بكر للسيوطي: ٤٥.
(٦) هو الصحابي الجليل أسامة بن زيد بن حارثة، حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاه وابن مولاه، توفي رضي الله عنه في خلافة معاوية رضي الله عنه حوالي: ٥٤ هـ. انظر ترجمته في الاستيعاب لابن عبد البر: ١/ ٥٧، والإصابة لابن حجر: ١/

<<  <   >  >>