للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أن الأدلة العقلية وقعت في كتاب الله مختصرة بالفصاحة، مشاراً إليها بالبلاغة، مذكوراً في مساقها الأصول، دون التوابع والمتعلقات من الفروع، فَكَمَّلَ العلماء ذلك الاختصار، وَعَبَّرُوا عن تلك الِإشارة بتتمّة البيان، واستوفوا الفروع والمتعلقات بالإِيراد.

الثاني: أنهم أرادوا أن يُبصَّروا الملاحدة، ويُعَرِّفُوا المبتدعة أن مجرد العقول التي يَدَّعُونَهَا لأنفسهم، ويعتقدون أنها معيارهم، لا حظ لهم فيها، وزادوا ألفاظاً حرروها بينهم، وساقوها في سبيلهم، قصداً للتقريب ومشاركة لهم في ذلك من منازعتهم، حتى يتبينَ لهم أنه كيف دارت الحالُ معهم من كلامهم بمنقول أو معقول، فإنهم فيه على غير تحصيل (١)، وذلك يتبين بتتبع أدلتهم في الفصول. فقد علمتم أن الله سبحانه قد أوعب القول في حدث العالم، ونبه باختلاف الأعراض عليها في الانتقالات (٢)، وكذلك كرر


(١) انظر هل يرضى هذا الاعتذار علماء السلف؟ في رأينا أنه لا يرضيهم ومن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إلى ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: ٧/ ١٤٤، ابن أبي العز: شرح عقيدة الطحاوي: ١٥٢ - ١٥٩.
(٢) هذا الدليل هو المعتمد عند ابن العربي رحمه الله، فهو يقول عنه: " ... الاستدلال بالتغير على الحدوث إليه يرجع كل بسيط وموجز من الأدلة، وعليه عَوَّلَ الخليل إبراهيم عليه السلام ... " المتوسط في الاعتقاد: ٧.
وقال في واضح السبيل: ٦٥/أ (مخطوط مكناس: ٩٢٦ تفسير): " ... الدليل على حدث العالم قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} وللعلماء في إثبات حدث العالم طرق كثيرة منها بسيطة، ومنها وجيزة، وأبسطها ما انعقد عليه القول وذكر فيه الدليل مرتباً على أربع مقدمات: المقدمة الأولى: إثبات الأعراض. الثانية: إثبات حدثها. الثالثة: إثبات استحالة تعري الجواهر عنها، إذ الجواهر لا تسبق الحوادث. الرابعة: إثبات استحالة حوادث =

<<  <   >  >>