للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقدمة ثانية:

فإذا عرفتم هذا، فلا بد من معرفة الحق والباطل أولاً، وقد بيناهما في كتب "الأصول" وأحسن بيان في كتاب "الأمد الأقصى" (١) لاختصاره لفظاً واستيفائه معنى، فالحق ما فيه فائدة مقصودة، والباطل ضدّه (٢)، وفي ذلك تقابلات بين المثل والممثل به.

فضرب الله للحق والباطل الماء مثلاً، فإنه خلقه حياة للأبدان، كما أنزل القرآن حياة للقلوب، وهو التقابل الأول.

كما ضرب امتلاء الأودية بالماء امتلاء القلوب بالعلم، وهو التقابل الثاني.


(١) من لوحة: ٢٢/ أ- إلى-٢٤/ أ.
(٢) توسع المؤلف - رحمه الله - في بيان معاني هذه الألفاظ في كتابه الأمد: ٢٣/ أفقال:
"اعلموا وفقكم الله أنا إذا استقرينا معاني الحق من جميع وجوهه، ومعاني الباطل من كل جهاته، ألفينا أن الحق هو ما له فائدة مقصودة، والباطل ما لا فائدة فيه، سواء كان معدوماً أو موجوداً، فقد تتعلق بالمعدوم فائدة كما تتعلق بالموجود، والدليل عليه قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: ٨٥] أي لفائدة مقصودة وهي الثواب والعقاب، يؤكده قوله:
{رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: ١٩١] أي ما خلقتهما لأنفسهما دون فائدة تتعلق بهما وهي الحشر والثواب والعقاب، يحققه قوله:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: ١١٥] فقد تتعلق بالعلم فائدة، كما تتعلق بالوجود، فيكون العدم حقاً بهذا المعنى، وقد تتعلق بالمعنى فائدة من وجه فيكون حقاً، ويُعَرَّى عن الفائدة فيكون باطلاً".
قلت: وللتوسع في معرفة مصطلح الحق؛ انظر الكافية للجويني: ٤٣ المبين عن معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي: ٧٤، التعريفات: ٤٨، كشاف الاصطلاحات: ٨٠ - ٨٢ (ط: تراثنا) ولمعرفة مصطلح الباطل؛ انظر: الكافية: ٤٤، المبين: ٧٥، التعريفات: ٢٤.

<<  <   >  >>