للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابع: نكاحه بغير شهود، وفيه خلاف.

الثامن: نكاحه في حال الإحرام، وقد تقدم (١).

التاسع: سقوط القسم عنه، ويأتي إن شاء الله.

العاشر: إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها، وحل له نكاحها (٢)، وهذا أمر بيناه في قصة زيد.


(١) يشير رحمه الله، إلى زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وهو محرم، وقد تقدم هذا صفحة: ٦٠٩ بدون الإشارة إلى إحرامه - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) أورد ابن العربي هذا القول في أحكام القرآن: ١٥٦٣، وقال في عقبه: "هكذا قال إمام الحرمين".
وقد استنكر شيخنا العلامة المحقق السيد أحمد صقر -حفظه الله تعالى- هذا القول، وأفادني بالتعليق التالي: هذا هُراء من القول، ولغو من الكلام، ينبغي ألاَّ يقال مثله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي من كبوات إمام الحرمين غفر الله لنا وله. انتهى.
قلت: معتمد قول إمام الحرمين هو بعض الروايات التي نسجت حول قصة الصحابي الجليل زيد بن حارثة، الذي قال الله تعالى فيه مخاطباً نبيه الكريم: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: ٣٧].
وقد ذهب المفسرون في تفسير قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} مذاهب شتى، معتمدين على بعض الروايات المنكرة التي لا تثبت أمام النقد والتمحيص، ومثال هذه الروايات الساقطة ما رواه ابن سعد في الطبقات: ٨/ ١٠١، والحاكم في المستدرك: ٤/ ٢٣٠ كلاهما من طريق الواقدي عن عبد الله بن عامر الأسلمي. أن ما أخفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبداه الله تعالى هو وقوع زينب في قلبه ومحبته لها وهي تحت زيد. وأنها سمعته يقول: "سبحان مقلب القلوب".
وقد تصدى ابن العربي لحادثة زيد بن حارثة فكشف عن منبع الحق فيها، بأسلوب العارف الجهبذ البصير. ومما قاله في كتابه أحكام القرآن: ١٥٤٢ "قد بينا في السالف من كتابنا هذا (أي أحكام القرآن) وفي كثير موضع عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم من الذنوب، وحققنا القول فيما نسب إليهم من ذلك، وعهدنا إليكم عهداً لن تجدوا له رداً؛ أن أحداً لا ينبغي أن يذكر نبياً إلَّا بما ذكره الله، ولا يزيد عليه، فإن أخبارهم مروية، وأحاديثهم منقولة بزيادات تولاها أحد رجلين: إما غبيّ عن مقدارهم، وإما بدعيّ لا رأي له في برهم ووقارهم، فيدس تحت المقال المطلق الدوّاهي، ولا يراعي الأدلة ولا النواهي، وكذلك قال الله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: ٣]. =

<<  <   >  >>