للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كتاب "المعيار" (١) فأعجبني فاستحسنته، وجئت إليه وعلى كمي كراسة منه، فقال لي: ما معك؟ فاستحييت ودفعته إليه فقرأه ملياً، وأنا أسارقه النظر وأرفض عرقاً، ثم رفع رأسه إليَّ وقال لي: كتاب حسن، ولكن لا تغتر بمخالفتنا فيه.

[الشرط الخامس]

أن لا يخوض في التعليم دفعة، بل يقبل على الأهم، فإذا أكمله انتقل إلى غيره، قال سبحانه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: ١٢١].

قيل فيه: لا ينتقلون عن فنّ حتى يحكموه علماً وعملاً (٢). كَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَر (٣) أنهُ أقَامَ على سُورَةِ البَقَرَةِ ثَمَانِ سِنِينَ حَتى أحْكَمَهَا (٤).

وقيل: يتلونه حق تلاوته بحضور قلب.


(١) طبع هذا الكتاب بتحقيق شيخنا فضيلة الدكتور سليمان دنيا -حفظه الله- (سلسلة ذخائر العرب رقم: ٣٢ دار المعارف- مصر) قال عنه ابن العربي في العواصم: ١٠٦ "وأخذ في معيار العلم عليهم (أي على الفلاسفة) طريق المنطق فرتّبه بالأمثلة الفقهية والكلامية، حتى محى فيه رسم الفلاسفة، ولم يترك لهم مثالاً ولا ممثلاً، وأخرجه خالصاً عن دسائسهم، بيد أنه أدخل فيه أغراضاً صوفية، فيها غلو وإفراط".
(٢) هذا التفسير هو للإمام الغزالي، الميزان: ٣٤٩.
(٣) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، ولد سنة ثلاث من البعث النبوي، وأسلم مع أبيه، له فضائل جمة، أفتى الناس ستين سنة، وغزى إفريقية مرتين، توفي سنة: ٧٣. انظر: ابن سعد: الطبقات: ٣/ ١٤٣، ابن عبد البر: الاستيعاب: ٢/ ٣٤١، ابن حجر: الإصابة: ٢/ ٣٤٧.
(٤) لم أعثر على هذا الأثر في المصادر والمراجع التي اطلعت عليها فالله أعلم به، مع العلم أن المؤلف قد ذكره في الأحكام: ٨ بدون سند.

<<  <   >  >>