للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع وجوب اعتقاد أن مراد الله تعالى منه حق ومبناه اعتبار الاحتمال البعيد أعني غير الناشئ عن الدليل وعدمه وهو الحق كما في العلوم العادية مثال تعارضه مع النص من الكتاب كما قالا إن قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] نص في أن مدة الرضاع حولان وقوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] ظاهر فيه لأنها سبقت لمنة الوالدة على الولد فتجرحت الأولى.

وقال الإِمام: نعم لولا حمل الحولين على مدة استحقاق المطلقة أجرة الرضاع حيث لا يجبر الزوج على إعطائها بعدهما قيل وكقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ظاهر في إباحة غير المحرمات مطلقا وقوله تعالى: {مَثْنَى} [النساء: ٣] نص في حرمة ما وراء الأربع فترجح وإنما يصح لوعد ما سبق له ظاهرا وإلا فمن تعارض النص مع المفسر ومن السنة قوله عليه السلام للعرنيين اشربوا من أبوالها وألبانها ظاهر في إطلاق شرب أبوال الإبل، لأن سوقه ألبان للشفاء وقوله عليه السلام: "استنزهوا من البول" (١) نص في وجوب الاحتراز فهذا مرجح ولذا لم يجوز الإمام شربه ولو للتداوي.

ومن المسائل قولها أبنت نفسي بعد ما قال لها طلقي نفسك ظاهر في الإبانة نص في الطلاق إذْ سوقه له، لأن كلامها للجواب عن طلقي فرجح الرجعي وهذا معنى أنه لم يفوض إليها إلا الرجعي فيلغو الوصف الزائد لا يقال لا تعارض إلا بين كلامين وليس ها هنا كلامان لأنا نقول معنى التعارض أنه دار بين كونه نصا في ذلك وظاهرا في هذا فجحل نصا وكذا في نظائره الآتية من تزوج امرأة إلى شهر وغير كذا قيل الصحيح الكلي هو الجواب الآتي.

ثم إنما يترجح النص عليه بعد تساويهما في الرتبة فلا يترجح نص خبر الجواب الآتي ثم إنما يترجح نص خبر الواحد على ظاهر الكتاب كما في قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فإنه ظاهر في أنها ناكحة نص في ثبوت الحرمة الغليظة وقوله عليه السلام: "لا نكاح إلا بولي" (٢)، وإن كان نصا في اشتراط الولي لكن خبر الواحد لا يقوى على معارضته.

[الفصل السادس في حكم النص]

هو وجوب العمل بما وضح منه كذلك على احتمال التأويل والتخصيص والنسخ


(١) أخرجه الدارقطني في سننه (١/ ١٢٨)، وانظر التلخيص الجيد (١/ ١٠٦)، الدارية في تخريج أحاديث الهداية (١/ ٥٩)، نصب الراية للزيلعي (١/ ١٢٨).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>