للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسقوط المفسر المساوي وما فوقه عند التعارض اتفاقا فيه واختلافا في إيجاب العلم.

وهذه الأمور في حيز العدم عند العدم دليله كالمجاز مثال تعارضه مع المفسر قوله عليه السلام: "المستحاضة تتوضأ لكل صلاة" نص يحتمل التأويل باستعارة اللام للتوقيت وقوله عليه السلام: "المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة" (١) مفسر فيه فرجح.

وفيما إذا تزوج امرأة إلى شهر فالأول نص في النكاح يحتمل المتعة والآخر مفسر فيها فرجح، وفيما قال داري لك هبة أو سكني هبة فأول الكلام نص في لقليك الرقبة يحتمل تمليك المنفعة وآخره مفسر فيه فرجح وقيل آخره محكم في المثالين فهما من تعارض النص والمحكم كتعارض قوله عليه السلام: "من استنج منكم فليستنج بثلاثة أحجار"، مع قوله "من استجمر فليوتر فمن فعل فحسن ومن لا فلا حرج" فقد رجح محكم التخيير في الثاني من نص اشتراط الثلاثة ومداره على فرض احتمال النسخ وامتناعه بسبب فإن الفرض كاف في التمثيل وبه يعرف صحة تفريق المعنى في التمثيل بها بالاعتبارين.

[الفصل السابع في حكم المفسر]

هو وجوب العمل به والعلم بذلك اتفاقا على احتمال النسخ والسقوط بالمحكم عند التعارض قيل مثاله قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فإن ذوي العدل مسوق لمقبولية الشهادة لأنها فائدة العدالة ووجوب قبولها منهم بالإجماع فهو نص فيها ومفسر لا يحتمل غير قبول شهادة العدول؛ لأن الإشهاد إنما يكون للقبول عند الأداء وقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] المقتضي لعدم القبول من المحدود في القذف فإن تاب وعدل محكم في رده إذ لا يحتمل النسخ للتأييد فرجح فاعترض عليه يمنع أن الأول مفسر حيث يحتمل الأمر الإيجاب والندب ومخصص من الأعمى والعبد ومنع أن الإشهاد إنما يكون للقبول فلعله للتحمل فقط كشهادة العميان والمحدودين في القذف في النكاح ولقوله ليس شيء منهما بهائل فإن المستشهد به للمفسر ذوي عدل لا غير واحتمال المجاز الذي في الأمر والتخصيص الذي في مجرور منكم لا ينافيه.

والعدالة تقصد للقبول لا للتحمل وهذا لأن كون مجموع الكلام مفسرًا لا يكاد يوجد لا سيما في كلام الله تعالى لأنه إن كان خبرا فمحكم وإن كان إنشاء فلكل نوع منه


(١) أخرجه الترمذي (١/ ٢٢٠) ح (١٢٦)، والربيع في مسنده (١/ ٢٢٢) ح (٥٥٥)، وأبو طالب القاضي في العلل (١/ ٥٧) ح (٧٣)، وانظر نصب الراية للزيعلي (١/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>