للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثًا: أن ترجيح العقل على الشرع عند التعارض تحكم قلنا لا نعلم بل صرف للمحتمل القاطع.

[المبحث الثالث في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب]

خلافا للبعض لكنه عند القاضي وإمام الحرمين إذا علم تأخر الخاص إذْ لو علم تقدمه ينسخه العام مطلقا ومن وجه في قدر ما تناولاه ولو جهل التاريخ يحمل على المقارنة فيثبت حكم التعارض في ذلك القدر وكذا عندنا لكن إذا اتصل الخاص المتأخر إذ لو تراخى كان ناسخا ويبقى العام في الباقي قطعيا فلم يجز تخصيصه بالقياس وخبر الواحد وعند الشافعي ومالك يخصصه الخاص تقدم أو تأخر أو جهل.

لنا: في الجواز ووقوعه ما مر من تخصيص الربا من البيع والمستأمن من المشركين وفي اشتراط تأخر الخاص:

أولا: إن قوله لا تقتل احدا بعد قوله اقتل زيدا منع له عن قتل زيد أيضًا هو المفهوم بالدلالة العادية القطعية فيصير نسخا قيل تخصيصه ممكن فيصار إليه دون النسخ لأولويته لغلبيته وكونه دفعا لا رفعا كما إذا تأخر قلنا لا يعارضان ما ذكر من الدلالة العادية فضلا عن الترجيح. وثانيًا: قول ابن عباس رضي الله عنه "كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث" (١) وظاهره أخذ الجماعة فكان إجماعا قيل محمول على ما لا يقبل التخصيص جمعا بين الأدلة قلنا سنبطل دليلكم وفي اشتراط وصله التراخي يقتضي سبق الثبوت فلا يحتمل إلا الرفع للمخصصين مطلقا أنه لو لم يخصص لبطل القاطع وهو الخاص بالمحتمل وهو العام والعقل قاض ببطلانه أما كون العام محتملا فقيل لجواز أن يراد به الخاص وقد مر أنه من احتمال المجاز فلا ينافي القطع، وقيل: للاختلاف في أنه للعموم أو الخصوص أو يوقف قلنا قد أبطلنا الأخيرين فلا يؤبه بهما على أنه عند الخصوم للعموم قطعا وللمعنيين مطلقا أن المبين هو الرسول عليه السلام لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] لا الكتاب ولا يكذب قلنا معارض بقوله في صفة القرَآن {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] والحل أن الكل ورد على لسانه فهو المبين تارة بالقرآن وأخرى بالسنة.


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٨/ ٣٢٩) ح (٣٥٦٣)، والدارمى (٢/ ١٦) ح (١٧٠٨)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٢٤٠) ح (٧٩٣٠)، والإمام الشافعي في مسنده (١/ ١٥٧)، والإمام مالك في الموطأ (١/ ٢٩٤) ح (٦٥٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>