للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها قول أُم حارثة رضِي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى ترَى ما أصنع) (١١٨٢).

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإما لا فلا تبايعوا حتى يبدوَ صلاح الثمر) (١١٨٣).

قلت: حق الفعل إذا دخلت عليه "إنْ" وكان ماضيا بالوضع أو بمقارنة، "لم" أن ينصرف إلى الاستقبال، نحو {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (١١٨٤) و {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (١١٨٥).

وإن كان قبل دخول "إنْ" صالحًا للحال والاستقبال تخلص له بدخولها، نحو {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (١١٨٦).

وقد يراد المضي بما دخلت عليه "إن" فلا يتأثر بها. ويستوي في ذلك الماضي بالوضع، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} (١١٨٧)، والمضارع، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (١١٨٨).

ومنه "فإن يك في الجنة أصبرْ وأحتسبْ".

والأصل: يكون، ثم جزم فصار "يكنْ"، ثم حذفت نونه لكثرة الاستعمال، فصار"يك".

وهذا الحذف جائز لا واجب. ولذلك جاء الوجهان في كتاب الله تعالى، نحو {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (١١٨٩)، {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} (١١٩٠).


(١١٨٢) صحيح البخاري ٩٨/ ٥. وجاء في نسخة بلفظ (فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب وإن
تك الأخرى ترَ ما أصنع).
(١١٨٣) في صحيح البخاري ٣/ ٩٥ (فلا تتبايعوا) بتاءين.
(١١٨٤) الإسراء ١٧/ ٧.
(١١٨٥) سورة البقرة ٢/ ٢٧٩.
(١١٨٦) النساء ٤/ ٣١.
(١١٨٧) يوسف ١٢/ ٢٦.
(١١٨٨) يوسف ١٢/ ٧٧.
(١١٨٩) النحل ١٦/ ١٢٠.
(١١٩٠) مريم ١٩/ ١٤.

<<  <   >  >>