للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني- (المرء مجزيَ بعمله، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر). (٥٦)

ولسيبويه نص شبيه بهذا منقول عن العرب. وهو الوارد فى قوله: (وذلك قولك: الناس مجزيون بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر). (٥٧) ولعل ابن مالك يقصد هذه العبارة فنسبها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سهوًا.

إنّ الأحاديث المشكلة عنده هي في الوقت ذاته نصوص فصيحة يمكن الاعتماد عليها في الاحتجاج. لذلك وجدت المؤلف يستند إليها في مواطن عدة لتقرير قواعد نحوية خالف بها بعض المتقدمين من النحاة. (٥٨)

ومن هنا أستطيع أن أضيف الىٍ عدد الأحاديث الشواهد كل الأحاديث المشكلة؛ لأنها عنده فصيحة لغةً ونحوًا.

لقد كان موقف ابن مالك هذا فريدًا بالقياس إلى من سبقه، وكان يكرر التصريح باهمية اتخاذ الأحاديث شواهد لدعم الآراء النحوية. لذلك وجدنا في الكتاب تصريحًا متكررًا بفصاحة الحديث وصحة لغته. ومن عباراته في هذا الباب:

- قوله وهو يرجح اتصال الضمير في نحو "كنته" (وأما مخالفة السماع فمن قبل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر رضي الله عنه: إن يكنه فلن تسلط عليه، وان لا يكنه فلا خير لك في قتله). (٥٩)

- وقوله في وقوع خبر "كاد" مقرونًا بـ (أن) (فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح ونقل صحيح كما في الأحاديث المذكورة تأكد الدليل، ولم يوجد لمخالفته سبيل). (٦٠)

وهذه النظرة في الاحتجاج بالحديث مكنته من أن يعرض آراءه بدقة، يرجح ويتخير، ويتخذ لنفسه موقفًا خاصًا على وفق ما يمليه عليه اجتهاده، ويهديه إليه تفكيره، مستهديا بما ارتضاه من شواهد، بلا تعصب لمذهب معين، فهو مع الشاهد أينما يكن.

ومن الأمثلة التي كان فيها الحديث حكمه الفيصل:


(٥٦) شواهد التوضيح: الورقه ١١ ظ.
(٥٧) كتاب سيبوبه ١/ ٢٥٨.
(٥٨) ينظر البحثان ١٥ و ١٦.
(٥٩) شواهد التوضيح: الورقة ٥ و.
(٦٠) شواهد التوضيح: الورقة ١٦ و.

<<  <   >  >>