للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وهذا مِن دأب ابنِ عباس رضي الله عنه أنه يُطلق على بعضِ مختاراتِه لَفْظَ السُّنَّة، كما فَعَله في الإِقعاء مع أنَّ ابن عمرَ صرَّح بنقِيضه وقال: «إن الأقعاءَ ليس بسُنَّة. على أن في «النسائي» «أنه قرأ بفاتحةِ الكتابِ وسورةٍ، وجَهَرَ بِها». وفي «المنتقى» لابن الجاردو وكله صحيح: أنه ضَمَّ سورةً أيضًا. فعلى الشافعيةِ أن يقولوا بالجَهْر وضمِّ السورةِ أيضًا إذ قالوا بِبَعْضِها. ثُمَّ في «تاريخ مكة» للأزرقي - وهو إِمَامُ الحديث متقدِّم على البخاري - عن ابن عباس رضي الله عنه: أَنَّه سُئل عَمَّا يفعل داخلَ البيت. قال: يكبِّر عند الأَركانِ كالتكبيراتِ على الجنائز». مع أنه ينفي الصلاةَ في داخل البيت، فعلم أنْ لا فاتحةَ عنده في الجنازة. وتلك مبالغاتٌ فقط تأخذُ الرَّجُلَ عند الأحوال.

٦٦ - باب الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ مَا يُدْفَنُ

١٣٣٦ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِىُّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَأَمَّهُمْ وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. قُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -. أطرافه ٨٥٧، ١٢٤٧، ١٣١٩، ١٣٢١، ١٣٢٢، ١٣٢٦، ١٣٤٠ تحفة ١٥٦٠١ أ، ٥٧٦٦

١٣٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِى رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ أَسْوَدَ - رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ، وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَوْتِهِ فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ». قَالُوا مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَفَلَا آذَنْتُمُونِى». فَقَالُوا إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتَهُ. قَالَ فَحَقَرُوا شَأْنَهُ. قَالَ «فَدُلُّونِى عَلَى قَبْرِهِ». فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. طرفاه ٤٥٨، ٤٦٠ - تحفة ١٤٦٥٠ - ١١٣/ ٢


= وقال ابن العربي في "العارضة" صلاة الجنازة عند أَكثرِ العلماءِ دعاءٌ لا يفتقرُ إلى قراءةِ الفاتحة. واختارَه الشافعي.
وأَخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه: أَن السنةَ قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة واتفقوا على الطهارة لها ما خلا الطبري والشافعي فإِنه قال: إِنَّه دعاءٌ فلا يَفتَقِرُ إلى طهارة. والصَّحيحُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ إِلا بطهورٍ".
وهذه صلاة بالإِجماع فوجَب فيها الوضوءُ فأَما القراءةُ فلا تَرد في روايته وأَخاف أَن يكونَ قول ابن عباس رضي الله عنه: "من السنة" يقتضي من مقتضاها لقوله: "لا صلاةَ إلا بطهور" ثم أخرج برواية الدارقطني عن أَبي أمامة سهل بن حنيف عن عبيد بن السبان وقال: "صلى بنا سَهل بن حنيف على جنازة، فلما كَبر التكبيرةَ الأولى قرأ بأم القرآنِ حتى اسمع مَن خَلفَه قال: ثم تابع بتكبيرةٍ حتى أيقنت بتكبيرةٍ واحدةٍ تَشَهدَ تَشَهُّدَ الصلاةِ، ثم كبر وانصرف".
صوابه سَلَّم. قال الإِمام ابن العربي: وهذا لم يتابع عليه ولا رواه غيرُه، ولعله فَعَله بالاجتهاد والأشباه. اهـ. وإِنما اعتنيتُ به لِيعلم المشغوفونَ بالفاتحةِ من الشافعية أَنْ في الصحابة رضي اللهُ عنهم مَنْ كان يأتي بالتشهد أيضًا - فليسروا بالقول ولا يجهروا به-، وفي النسخة سهوٌ في عدة مواضعَ فليصحح، فإنا لم نشتغل به لوضوحِ المرادِ بدونه أَيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>