للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ لَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ». أطرافه ١٤٥٧، ٦٩٢٤، ٧٢٨٤ - تحفة ١٠٦٦٦، ١٤١١٨

١٤٠٠ - فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَاّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ. أطرافه ١٤٥٦، ٦٩٢٥، ٧٢٨٥ - تحفة ٦٦٢٣

١٣٩٩ - قوله: (كفر من كفر) ... إلخ، نقل النَّووي عن الخَطَّابي (١) أن الارتدادَ قد كان


(١) واعلم أني كنت أردت أن أعلِّق تلك الحاشية فيما مر، وقد كانت مهمةً لأن الخَطَّابي وبعضًا آخرين قد ذكروا: أن الارتداد بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان عم بلاد العرب كلها، وكان في ذلك مضرةً للدين لا تخفى. وكان الشيخ رحمه الله تعالى نبَّهنا على ذلك أيضًا، غير أني لم أنتهز فرصةً لمراجعة الكتب، فلم يتفق لي تعليقها على محلها، فخطر ببالي الآن أن أضعها في بدء الزكاة، فأنا آتيك أولًا بما ذكره الخَطَّابي في "معالم السنن"، ثم نذكر لك ما حققه ابن حزم في "الملل والنحل"، ليتبينَ لك الغلطُ من الصواب، وينفصل القِشرُ من اللباب.
قال الخَطَّابي: ومما يجب تقديمه في هذا أن يعلم أن أهلَ الرِّدة كانوا صِنفين:
صِنفٌ منهم ارتدوا عن الدين، ونابذوا الملة، وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: "وكفر من كفر من العرب" وهذه الفرقة طائفتان:
إحداهما: أصحاب مُسيلمة، من بني حَنِيفة، وغيرهم الذين صدَّقوه على دعواه في النبوة، وأصحابُ الأسود العَنسي، ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوةِ محمد - صلى الله عليه وسلم -، مدعيةٌ النبوةَ لغيره. فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مُسيلمة باليمامة، والعنسي بصنعاء، وانقضت جموعُهم، وهلك أكثرهم.
والطائفة الأخرى: ارتدوا عن الدين، وأنكروا الشرائع، وتركوا الصلاة والزكاة وغيرهما من جماع أمر الدين، وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يُسجَدُ لله سبحانه على بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس بالبحرين، في قرية يقال لها: جواثًا، ففي ذلك يقول الأعور الثريني، يفتخر بذلك:
والمسجدُ الثالثُ الشرقي كان لنا ... والمنبرانِ، وفصلُ القول في الخُطُب
أيامٌ لا منبر في الناس نعرفُه ... إلا بطيبةَ والمحجوم ذي الحُجُب
وكان هؤلاء المتمسكون بدينهم من الأزد محصورين -بجُواثا- إلى أن فتح الله على المسلمين اليمامة. فقال بعضهم، وهو رجل من بني بكر بن كلاب، يستنجدُ أبا بكر رضي الله عنه:
ألا أبلغ أبا بكر رسولا ... وفتيان المدينة أجمعينا
فهل لكمُ إلى قوم كرام، ... قعود في -جواثا- محصرينا
كأن دماءهم في كل فج، ... وماء البدن، يغشى الناظرينا
توكلناعلى الرحمن، إنا ... وجدنا النصر للمتوكلينا =

<<  <  ج: ص:  >  >>