للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهة الشرع فقط. نزل التكليف أيضًا بحسب ذلك العالم، فالعالم الذي فيه التكليف فيه التأثير، والتأثر أيضًا، وما ليس فيه تأثيرٌ إلا للَّه الواحد القهار، ليس فيه تكليفٌ، فمن أتى بأحكام أحد العالَمين على الآخر، فقد ضلّ وغوى.

ومن أظلم ممن خَرَقَ العالمَ المشهودَ، وجعل يبحثُ فيه عن أحكام الرب الودود. فالإِيرادات التي تعرِض على مسألة التقدير، كلُّها نقضٌ لمشاهدة نفسه عند التحقيق. ألا ترى أن الرجلَ لا يتعطَّلُ عن الأسباب لدُنياه، فإذا عرضت له الآخرة تمسَّك بالتقدير، وخَرَق ما شاهده من تأثير الأسباب، ودخل في عالمٍ آخر، وإلى بما فيه، وتعلَّل منه، مع كونه في هذا العالم، وصدق الله العلي العظيم: {وَكَانَ الإِنْسَنُ أَكْثَرَ شَىء جَدَلًا} (الكهف: ٥٤)، فلو فعل مثلَه في دُنياه، فلم يأكل، ولم يشرب، ولم يكتسب مالا، ولم يرفع إلى الأسباب رأسًا، لكان لنا محل صبر، ولكنه لمَّا تظهر له الدنيا، يرى أن الأسباب هي المؤثرة الحقيقية، وإذا لاح له من أمر الآخرة شيءٌ زَعَمها معطلةً لا تأثيرَ فيها، فيا لجَوْرِه:

*أصمْ عن الشيءِ لا أُريدُه ... وأسمعُ خلقَ اللهِ حينَ أُريدُ

فيرى الأسبابَ أكسدُ شيءٍ لعُقباه، وأنفق شيءٍ لدنياه، فيا ويلاه ويا ويلاه.

قوله: (اللهم اعط منفق مالٍ خلفًا) أي بدلا عنه.

١٤٤٢ - قوله: (اللهم اعط ممسكًا تلفًا) أي اجعل التَّلفَ في ماله، فلا يحصل له غير النقصان.

٢٩ - باب مَثَلِ الْمُتَصَدِّقِ وَالْبَخِيلِ

١٤٤٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ». وَحَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَاّ سَبَغَتْ - أَوْ وَفَرَتْ - عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِىَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَاّ لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا، فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ». تَابَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ فِى الْجُبَّتَيْنِ. أطرافه ١٤٤٤، ٢٩١٧، ٥٢٩٩، ٥٧٩٧ - تحفة ١٣٥٢٠، ١٣٧٥١، ١٣٥١٧ - ١٤٣/ ٢

١٤٤٤ - وَقَالَ حَنْظَلَةُ عَنْ طَاوُسٍ «جُنَّتَانِ». وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِى جَعْفَرٌ عَنِ ابْنِ هُرْمُزٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «جُنَّتَانِ». أطرافه ١٤٤٣، ٢٩١٧، ٥٢٩٩، ٥٧٩٧ - تحفة ١٣٦٣٨، ١٣٥١٧ ل

٣٠ - باب صَدَقَةِ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: ٢٦٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>