للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنا منه حجة، وغَلِطَ المحشون في شرحه. قلتُ: وينبغي الاعتماد على لفظ الطحاوي، والمصنف (١).

٥٨ - باب أَخْذِ صَدَقَةِ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ وَهَلْ يُتْرَكُ الصَّبِىُّ فَيَمَسُّ تَمْرَ الصَّدَقَةِ

١٤٨٥ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأَسَدِىُّ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ فَيَجِىءُ هَذَا بِتَمْرِهِ وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضى الله عنهما - يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً، فَجَعَلَهَا فِى فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ فَقَالَ «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ». طرفاه ١٤٩١، ٣٠٧٢ - تحفة ١٤٣٥٨

نُقِلَ عن أبي حنيفة أنَّ حق الفقراء يتعلقُ عند بُدُو الصلاح (٢). وعن أبي يوسف: أوان الحصاد. وعن محمد: بعد الحصاد، وهو ظاهر القرآن، قال تعالى: {وَءاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الأنعام: ١٤١)، ولعل المصنفَ مال إلى مذهب الإِمام، حيث جعل الاستيفاءَ عند الحصادِ وصِرَام النخل، وذكر الوجوبَ في تراجم أخرى. وليس مراده أن الوجوبَ أيضًا حين صِرَام النخل، بل الوجوبُ قَبْله، نعم، الاستيفاء عند الحصاد.

قوله: (وهل يترك الصبي) ... إلخ، وهذا إنجاز على ما مرّ من اصطلاحنا.


(١) قلت: وحاصل المَقَام أنَّ الشرعَ لما عَفى عن الخيل لكونها قليلةٌ إذ ذاك، أو ترك زكاتَها إلى المالكين لمعنى يعلمه، وعن الخَضْراوات لأنها مما يَتَسارعُ إليه الفساد، فيتعذر حملُها إلى بيت المال، عفى عن خمسةِ أوْسُق أيضًا، لأنه لا بد لأصحاب النخيل أن يتصدقوا في الموسم. فإنهم يردُ عليهم الصادرُ والوارد، ويزورهم الأحباء، ويأتيهم الفقراء، فمكَّنَ لهم في تلك المقدار أن يصرفوها في نحو هذه المصارف، ولا يكونوا في ضِيق من الإِنفاق، فإن الدينَ يُسرٌ. وإنَّما خصَّص لهم خمسةَ أوْسُقِ لكونها محل العَرِيَّة، فرخص في البيوع والزكاة معًا، أما إن العَرِيَّة ماذا هي؟ فسيأتي، والله أعلم.
(٢) قال القاضي أبو بكر بن العربي في "تفسيره": اختلف العلماء في وجوب الزكاة في هذه الأموال النباتية على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها تجب وقت الجُذَاذ، قاله محمد بن سلمة.
الثاني: أنها تجبُ يوم الطيب، لأن ما قبل الطيب يكون علفًا، لا قوتًا ولا طعامًا، فإذا طابت، وكان الأكل الذي أنعم الله به، وجبَ الحقُّ الذي أمر الله به.
الثالث: أن يكون بعد تمام الخَرص، قاله المُغيرة، لأنه حينئذ يتحقَّقُ الواجبُ فيه من الزكاة، فيكون شرطًا لوجوبها. أصلُه مجيء الساعي في الغنم. ولكل قول وَجه، كما ترون. لكن الصحيح وجوبُ الزكاة بالطيب، لما بينا من الدليل، وإنما خَرَصَ عليهم ليعلم قدر الواجِبِ في ثمارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>