للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - فِى مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ، فَسَأَلْتُهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ. أطرافه ١٣٣، ١٥٢٥، ١٥٢٧، ١٥٢٨، ٧٣٤٤ - تحفة ٦٧٤١

وادَّعى الشافعيةُ أنَّ فرضيةَ المواقيتِ كانت قُبيل حَجة الوداع. وادَّعى الحنفيةُ أنها كانت قَبْلها بكثير، لما سيجيء. ثم إن تلك المواقيت كلها وقَّتَها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أولا؟ فقيل: نعم؛ وقيل: غير ذات عِرْق، فإنَّها وقّتها عمر (١). والصوابُ هو الأول. نعم، اشتهرت بعضها في زمن عمر، فنُسبت إليه.

٦ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: ١٩٧]

١٥٢٣ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ عَنْ وَرْقَاءَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ، فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا. تحفة ٦١٦٦ - ١٦٥/ ٢

١٥٢٣ - قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، وفسره السيوطي بما يُتقى به من السؤال، وهو المال. وليس بمرادٍ عندي، بل التقوى على معناه المعروف (٢). والمراد أنه الزاد الحِسِّي، فقد علمتم أنه لا بد لكم، فسوف تأخذونه، ولكن ههنا زاد آخر أقومُ وأهم منه، وهو التقوى، فهو زادٌ معنوي فلا تَنْسَوه، واجعلوه أيضًا من زادكم، فإنَّه خيرُ زادٍ لمن تزوَّدَه. ويؤيِّدُه ما عند أبي داود، أنَّ رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلّم الزاد، فقال: «زوّدك الله التقوى». وإنما أوَّل به السيوطي، لأن تعليل قوله: {وَتَزَوَّدُوا} بقوله: ({وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}) بظاهره غيرُ مستقيمٍ.

قلتُ: حرف «إن» في كلامهم لا يجيءُ بمعنى العلة المنطقية، بل لمجردِ التناسُبِ بين


(١) وفي "التمهيد" قال قائلون: عمر رضي الله عنه هو الذي وقت العقيق لأهل العراق، لأنها فتحت في زمانه، قال آخرون: هذه غَفْلةٌ من قائل هذا القول، لأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي وقَّت لأهلِ العراق ذات عِرْق والعقيق، كما وقَّت لأهل الشام الجُحْفَةَ، وكلها يومئذٍ دارُ كفر، كالعراق. فوقت المواقيت لأهل النواحي، لأنه علم أنَّ الله سيفتح على أمته الشام والعراق وغيرهما، ولم يفتح الشام والعراق إلا على عهد عمر رضي الله عنه، بلا خلاف. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "منعت العراق درهمها، ودرهمها" ... الحديث، معناه عند أهل العلم: ستمنع ... إلخ: ص ٣٣٢ "الجوهر النقي". قلت: وهكذا في "عمدة القاري" ص ٤٩٩ - ج ٤، وله حديث عند أبي داود عن الحارث بن عمرو، وفيه تصريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وقَّته لأهل العراق.
(٢) قلت: ويؤيده ما أخرجه الحافظ عن ابن أبي حاتم، قال مقاتل بن حيان: لما نزلت قام رجلٌ فقال: يا رسول الله ما نجد زادًا، فقال: "تزود ما تُكِفُّ به وجهك عن الناس، وخير ما تزودتم التقوى" ... إلخ. ص ٢٤٦ - ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>