للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٣٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رُئِىَ وَهُوَ فِى مُعَرَّسٍ بِذِى الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِى قِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ. وَقَدْ أَنَاخَ بِنَا سَالِمٌ، يَتَوَخَّى بِالْمُنَاخِ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُنِيخُ، يَتَحَرَّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ أَسْفَلُ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِى بِبَطْنِ الْوَادِى، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ. أطرافه ٤٨٣، ٢٣٣٦، ٧٣٤٥ - تحفة ٧٠٢٥

١٥٣٤ - (وقل: عمرة في حَجّة)، وهذا نصٌ للحنفية أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا من أول إحرامه، فإنَّ وادي العقيق عند ذي الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة.

وبالجملة قد ثبت قِرَانُه صلى الله عليه وسلّم ثبوتًا لا مردَّ له، وإنما اختلف الصحابة في نقل حجه صلى الله عليه وسلّم (١)،


(١) قلت: وقد ذكر القوم في سر اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في إحرام النبي - صلى الله عليه وسلم - وجوهًا، نذكر منها ثلاثة:
أحراها عندي ما ذكره الشاه ولي الله قُدِّس سِرُّه، قال الشيخ ولي الله المحدث الدِّهلوي في "المسوى شرح الموطأ": التحقيق في هذه المسألة أنَّ الصحابة لم يختلفوا في حكاية ما شاهدوه من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، من أنه أحرم من ذي الحليفة، وطاف أولَ ما قَدِم، وسعى بين الصفا والمروة، ثم خرج يومَ التروية إلى مِنَىً، ثم وقف بعرفات، ثم بات بمزدلفة، ووقف بالمشعر الحرام، ثم رجع إلى منى، ورمى، ونحر، وحلق، ثم طاف طواف الزّيارة، ثم رمى الجمار في الأيام الثلاثة، وإنما اختلفوا في التعبير عما فعل باجتهادِهم وآرائهم. فقال بعضهم: كان ذلك حَجًا مفردًا، وكان الطوافُ الأول للعمرة، كأنهم سَمَّوا طوافَ القدومِ والسعيَ بعده عمرةً، وإن كان للحج. وقال بعضهم: كان ذلك قِرَانًا، والقِرَانُ لا يحتاجُ إلى طَوَافين وسعيين، وهذا الاختلاف في الاجتهاديات، أما إنَّه سعى تارةً أخرى، بعد طواف الزيارة، فإنَّه لم يثبت في الروايات المشهورة، بل ثبت عن جابرٍ أنه لم يَسْع بعده. انتهى.
والثاني: ما ذكره ابن العربي في الجزء الرابع من شرحه، المسمى بـ: "العارضة" قال: وأكثر مَنْ روى الإفراد في الإِحرام، يرجعُ حديثُه في آخر الأمر إلى أنه كان قارنًا، أو متمتعًا. ودارت الروايات على عَشَرة من أَصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم: عمر، وابن عمر، وعلي، وعائشة، وحفصة، وأنس، وجابر، وابن عباس، وأبو موسى، وأسماء. وقد رُوي أيضًا في "الصحيح" عن عمر. وفي الأحاديث اختلافٌ عظيم في "الصحيح" لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، جَعَلنا الله منهم برحمته. قال الطبري: جملة الحال أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مُحِلًا، لأنه قال: "لو استقبلت من أمري ما استَدبرتُ ما سُقتُ الهدى، ولا جعلتها عمرة"، ولو كان مفردًا كان معه واجبًا، كما قال (*) وذلك لا يكون إلا للقارن، ولأن الروايات الصحيحة قد تكاثرت، فإن لبى بهما جميعًا، فكان من زاد أولى.
ووجه الاختلاف أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما عقد الإِحرام، جعل يُلبي تارةً بالحج، وتارةً بالعمرة، وتارةً بهما جميعًا، لعله أن يَبينُ له واحدةً منهما، وهو في ذلك كله يقصدُ الحج ويطلب كيفية العمل، حتى نزل عليه جبريل في وادي العقيق، وقال له: قل: عمرة في حجة؛ فانكشف الغطاء، وتبين المطلوب: ص ٣٦، و ٣٧ - ج ٤.
قلت: جواب القاضي أيضًا لطيفٌ، فإنَّه جعله من باب قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: ١٤٤] فكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يترقَّبُ ويتحرى في أمر حجه أن يُعينَ له إحرامًا من قبل الوحي. حتى قيل له: قل: حجة في عمرة، فحينئذ قرن به، على ما هو نظر الحنفية، كثرهم الله تعالى. كما أنه انتظرَ أن تحوَّلَ قِبلتُه إلى البيت، فنزل الوحي به "التنبيه". قوله: "ولا جعلتها عمرة" هكذا وجدناه في الأصل، ولكن الصواب "لجعلتها عمرة"، وفي عبارته بعض سهو من الناسخ بعد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>