للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كاد الناس يتفقون على أنَّ المرادَ من التمتع في النص هو التمتع اللغوي، فيطلق على القِرَان أيضًا. قلتُ: والأظهرُ عندي أنَّ المرادَ في الآية هو التمتع الشرعي، وفيه تقديم العمرة على الحج. أما في الحديث فقد ورد بالنحوين، فتارةً إطلاقهُ على اللغوي، وأخرى على الشرعي. أما ذكر القِرَان في القرآن، فهو عندي في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦].

قوله: ({فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}) ... إلخ، وهي دمُ شُكرٍ عندنا، فيؤكل. ودم جبرٍ عند الشافعية فلا يؤكل. وقد ثبتَ عندنا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان قارنًا، ثم اهتم بالأكل من هداياه، حتى أخذَ من كلها قِطعة، ثم جعلها في قدر، ثم شرب من مرقها.

١٠٤ - باب رُكُوبِ الْبُدْنِ

لِقَوْلِهِ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧)} [الحج: ٣٦ - ٣٧].

قَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتِ الْبُدْنَ لِبُدْنِهَا. وَالْقَانِعُ السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِى يَعْتَرُّ بِالْبُدْنِ مِنْ غَنِىٍّ أَوْ فَقِيرٍ، وَشَعَائِرُ اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا، وَالْعَتِيقُ عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَيُقَالُ وَجَبَتْ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ وَمِنْهُ وَجَبَتِ الشَّمْسُ.

١٦٨٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ «ارْكَبْهَا». فَقَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا، وَيْلَكَ». فِى الثَّالِثَةِ أَوْ فِى الثَّانِيَةِ. أطرافه ١٧٠٦، ٢٧٥٥، ٦١٦٠ - تحفة ١٣٨٠١

١٦٩٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَشُعْبَةُ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». قَالَ إِنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ «ارْكَبْهَا». ثَلَاثًا. طرفاه ٢٧٥٤، ٦١٥٩ - تحفة ١٢٧٦، ١٣٦٦

والبَدَنَةُ في باب الجِنَايات عامٌّ عندنا للبقر والبعير كليهما، كما صرح به الخليل في «كتاب العين». وقال الشافعي: إنه للبعير خاصة، ثم إنه لا يجوزُ عندنا الركوب عليها إلا عند الاضطرار، فإِنها إذا صارت هَدْيًا في سبيل الله لم يجز له الانتفاعُ بها قبل البلوغ إلى محلها. وقال الشافعي: يجوزُ عند الحاجة، فلا فَرق، غير أنَّا أخذْنَا الرخصةَ عند الإِلجاء، وأخذها الشافعي عند الحاجة. ولنا ما عند مسلم لفظ: «إذا ألجئت إليها» نصًا. قلتُ: وأني ينفصلُ الأمر من مِثل هذه الألفاظ، فإِن تعيينَ المراتبِ الذِّهنية خارجٌ عن طوق البشر، فللشافعية أن يحملوه على الحاجة، نعم، لا ريب أنَّ ظاهره للحنفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>