للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عاشرة ذي الحِجَّة أيضًا لا تَنْقُصُ عند الله تعالى، مع نقصانها في الحِسِّ، ويُعْطي له أجرَ الصومِ التامِّ.

١٣ - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ»

١٩١٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا». يَعْنِى مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ. طرفاه ١٩٠٨، ٥٣٠٢ - تحفة ٧٠٧٥

١٤ - باب لَا يَتَقَدَّمَنَّ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ

١٩١٤ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ». تحفة ١٥٤٢٢ - ٣٦/ ٣

وههنا حديثٌ آخر. أخرجه الترمذيُّ: «إذا بقي نصفٌ من شعبان، فلا تَصُومُوا»، وقد حَمَلَ الترمذيُّ النهيَ في الحديثين على النهي لحال رمضان، ويَرِدُ عليه: أنه لا يَظْهَرُ على هذا التقدير لتخصيص يومٍ أو يومين وجهٌ.

قلتُ: وإنما أَفْرَزَهُ من حديث نصف شعبان لكونه كثيرَ الوقوع، فإن أكثرَ ما يتقدَّمه الناسُ لحال رمضان يومٌ أو يومان، فكأنه خصَّصه لمزيد الاعتناء به. ولذا قال صاحبُ «الهداية»: إن تقدَّمه بثلاثة أيام لا يُكْرَهُ، فَقَصَرَ النهيَ على اليومين. ثم ذكر نَكْتَتَهُ الشيخ سعد الله في «حاشية العناية»: إن الالتباس في غُرَّة رمضان لا يزيد على يومٍ أو يومين، فلا يتقدَّمونه إلا بصوم يومٍ أو يومين، يَقْصِدُون به أن لا يَفُوتَ عنهم من رمضانَ شيء. ولمَّا كان هذا الاحتياط لغوًا (١)، إلا أنهم أُمِرُوا أن يَصُومُوا لرؤيته ويُفْطِرُوا لرؤيته، نهاهم عنه (٢).


(١) أخرج الطحاويُّ عن ابن عباس يقول: "إني لأعْجَبُ من الذين يَصُومُون قبل رمضان، إنما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصُومُوا، وإذا رأيتموه فأفطِرُوا، فإِن غُمَّ عليكم. فَعُدُّوا ثلاثين "مشكل الآثار".
(٢) قلت: ومن ههنا عَلِمْتَ أنه ليس مراد الترمذيِّ من قوله: لمعنى رمضان، أو لحال رمضان. وحاصلُه على هذا التقدير: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تقدُّم رمضانَ بيومٍ أو يومين لتعظيم رمضان، وإذ هو ليس في شيء من التعظيم شرعًا، فلا ينبغي له أن يتقدَّمَ رمضانَ بصومٍ. والصوابُ أن مرادَ الترمذيِّ منه أن يتقدَّم برعاية رمضان، فإِن التخليطَ في الأهِلَّة لا يكونُ إلَّا بيوم أو يومين، وَيشُقُّ على العامة أن يَفُوتَ عنهم صومٌ من رمضان، فيتقدَّمونه بيومٍ أو يومين، ليُدْرِكُوا جميعه. فأخبر أن هذا التقديمَ ليس بشيءٍ، وأمرهم بأن يَصُومُوا لرؤيته، ويُفْطِرُوا لرؤيته.
وكم من فرقٍ بين المعنيين: فإن معنى التعظيم: أن رمضانَ أمامك، فَتحِبُّ أن تُعَظِّمَهُ وتستقبله بصوم يوم أو يومين، تعظيمًا له. بخلاف رعاية رمضان، فإنه بالنظر إلى أن لا يَفُوتَ عنك صومٌ من رمضان، فَتَحطَاطَ فيه، وتتقدَّمه بصوم يومٍ أو يومين لتستوفي جميعَ أيامه، ولا تَتْرُك منها شيئًا، فهذا هو الذي نهى عنه صاحبُ الشَّرعِ. والرعايةُ من قِبَله بدون أمرٍ منه، حمقٌ وغباوةٌ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>