للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القضاء والديانة قد اعْتُبِرَ في باب العبادات أيضًا، فاعلمه.

وبالجملة باب المُسَامَحَات والمروءات مفقودٌ من الفِقْهِ، مع كونه أهم. ومن هذا الباب واقعةُ ليلة البعير، فإنه وإن كان بيعًا أولا، لكنه هِبَةً آخرًا. فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أَضْمَرَ فيها أولا ما أَظْهَرَهُ آخرًا. وهو: رَدُّ بعيره عليه، مع إعطاء الثمن من عنده، لِيَخْلُصَ له بعيره وثمنه، فكأنه أراد به الإِعانةَ بهذه الشاكلة. ولعلَّ في مثل هذه البيوع لا تُرَاعَى شروط البيوع، ولذا أقول فيما أظنُّ - والله تعالى أعلم: إن من البيوع الفاسدة ما لو أتى بها أحدٌ جَازَتْ دِيَانةً، وإن كانت فاسدةً قضاءً. وذلك لأن الفسادَ قد يكون لحقِّ الشرع، بأن اشتمل العقدُ على مَأْثَم، فلا يجوز بحالٍ. وقد يكون الفسادُ لمخافة التنازع، ولا يكون فيه شيءٌ آخر يُوجِبُ الإِثم، فذلك إن لم يَقَعْ فيه التَّنَازُعُ جاز عندي دِيَانةً، وإن بقي فاسدًا قضاءً، لارتفاع عِلَّة الفساد، وهي المُنَازَعةُ. ويَدُلُّ عليه مسائلهم في باب المضاربة، والشركة، فإنها ربما تكون فاسدةً مع أن الرِّبْحَ يكون طيِّبًا، وراجع «الهداية».

ونبَّه الحافظُ ابن تيمية في رسالته على أن من البيوع ما لا يَقَعُ فيها النِّزَاع، فتكون تلك جائزةً، فإذا أدخلتها في الفِقْهِ وجدتها محظورةً، لأن أكثرَ أحكام الفِقْهِ تكون من باب القضاء، والدياناتُ فيها قليلةٌ. وإنما يُصَارُ إلى القضاء بعد النزاع، فإذا لم يَقَعْ النِّزَاع، ولم يُرْفَعْ الأمرُ إلى القاضي، نزل حكم الديانة لا مَحَالة، فيبقى الجواز.

٩٦ - باب بَيْعِ الشَّرِيكِ مِنْ شَرِيكِهِ

٢٢١٣ - حَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ فِى كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. أطرافه ٢٢١٤، ٢٢٥٧، ٢٤٩٥، ٢٤٩٦، ٦٩٧٦ - تحفة ٣١٥٣

وهذا البيعُ جائزٌ عندنا، ولا يَضُرُّه الشيوعُ، بخلاف هِبَة المُشَاع.

فائدة: وعبد الرحمن هذا مدنيٌّ من تعليقات البخاري، دون الواسطيّ، فإنه ضعيفٌ.

٩٧ - باب بَيْعِ الأَرْضِ وَالدُّورِ وَالْعُرُوضِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ

٢٢١٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِى كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ. أطرافه ٢٢١٣، ٢٢٥٧، ٢٤٩٥، ٢٤٩٦، ٦٩٧٦ - تحفة ٣١٥٣

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بِهَذَا وَقَالَ فِى كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ. تَابَعَهُ هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ.

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِى كُلِّ مَالٍ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِىِّ. تحفة ٣١٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>