للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فَرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ فَرَأَوُا السَّمَاءَ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهَا كَانَتْ لِى بِنْتُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ مِنْهَا فَأَبَتْ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَبَغَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَاّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَرْجَةً. فَفَرَجَ. وَقَالَ الثَّالِثُ اللَّهُمَّ إِنِّى اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ. فَقُلْتُ اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْبَقَرِ وَرُعَاتِهَا فَخُذْ. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ فَخُذْ. فَأَخَذَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ مَا بَقِىَ، فَفَرَجَ اللَّهُ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ فَسَعَيْتُ. أطرافه ٢٢١٥، ٢٢٧٢، ٣٤٦٥، ٥٩٧٤ - تحفة ٨٤٦١ - ١٣٩/ ٣

من غَصَبَ أرضًا وزَرَعَهَا، فالزرعُ تابعٌ للبَذْرِ. ولمَّا كانت الصورةُ المذكورةُ صورةَ الغصب، لا يستحقُّ الغاصبُ أجرَ العمل أيضًا (١)، إلا أن تكونَ الأرضُ معروفةً بالاستغلال، وأن تُوفَّى الشروط. ثم المسألةُ في المُزَارَعَةِ الصحيحة: أن تُوَفَّى الشروط ما كانت، وفي الفاسدة: أن الزرع (٢) يَتْبَعُ البَذْر، فيكون مِلْكًا لصاحبه.

١٤ - بابُ أَوْقَافِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْضِ الْخَرَاجِ، وَمُزَارَعَتِهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ

وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعُمَرَ «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ».


(١) هكذا وجدته في مذكرتي.
(٢) واعلم أنه روي في حديث عن رافع بن خديج مرفوعًا، قال: من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فله نفقته، وهذا الحديث يرد على الحنفية، فإن الزرع عندنا يكون لصاحب البذر، ويملكه الغاصب بملك خبيث، ويجب عليه الأجرة لصاحب الأرض، والشيخ قد أجاب عنه في -درس الترمذي- أن الحديث محمول على بيان ما هو الطيب والخبيث منه، فقال: إنه يطيب له الزرع بقدر نفقته، وهو المسألة عندنا، ولم يسق لبيان الملك، ثم رأيته في كتاب "الأموال" ص ٢٨٨، قال أبو عبيد، ففي هذا الحديث وجهان: أحدهما أن يكون أراد به أنه لا يطيب للزارع من ريع ذلك الزرع شيء إلا بقدر نفقته، ويتصدق بفضله على المساكين، وهذا على وجه الفتيا، والوجه الآخر: أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قضى على رب الأرض بنفقة الزارع، وجعل الزرع كله لرب الأرض طيبًا، اهـ. قلت والأول هو مذهبنا.
ثم ذكر أبو عبيد في الفرق بين الزرع والنخل -حيث أمرنا بقلع النخل دون الزرع- كلامًا حسنًا، قال: وإنما اختلف حكم الزرع والنخل، فقضى بقلع النخل، ولم يقض بقلع الزرع لأنه قد يوصل في الزرع إلى أن ترجع الأرض إلى ربها من غير فساد، ولا ضرر يتلف به الزرع، وذلك أنه إنما يكون في الأرض سنته تلك، وليس له أصل باق في الأرض، فإذا انقضت السنة رجعت الأرض إلى ربها، وصار للآخر نفقته، فكان هذا أدنى إلى الرشاد من الزرع بقلا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>