للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٣٤ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فَتَحْتُ قَرْيَةً إِلَاّ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ. أطرافه ٣١٢٥، ٤٢٣٥، ٤٢٣٦ - تحفة ١٠٣٨٩

واعلم أن الوقفَ عندنا لا يجري إلا في العَقَار، إلا أن يكون تابعًا. وأمَّا عند محمد، فيَصِحُّ بكلِّ منقولٍ جَرَى فيه التعاملُ بوقفه. ثم قالوا: إن الوقفَ عندنا تصدُّقٌ بالمنفعة مع حَبْس الأصل على مِلْكِ الواقف، وعند صاحبيه: هو حَبْسُ الأصل على مِلْكِ الله، لا يُمَلَّكُ، ولا يُوَرَّثُ.

ثم أُورِدَ على الحنفية: أن الوقفَ على طوركم، لم تَبْقَ له حقيقةٌ، لأن الشيءَ قد بقي على مِلْكِه الآن كما كان، والتصدُّق بالمنفعة جائزٌ بدون الوقف أيضًا، فلم يَظْهَرْ للوقف ثمرةٌ، حتى صرَّح السَّرَخْسِيُّ أن الوقفَ باطلٌ عند الإِمام، بمعنى أنه ليس له حكمٌ جديدٌ. وهكذا قرَّره ابن الهُمَام. نعم استثنوا منه الوقف للمسجد، والوقف من الوصية، والثالث الوقف الذي قضى القاضي بخروجه عن مِلْك الواقف، كذا في «الكنز».

قلتُ: أمَّا الوقفُ للمسجد، فخروجُهُ عن مِلْكِ الواقف ظاهرٌ. وأمَّا القسمُ الثاني، فالدَّخْلُ فيه للوصية دون الوقف. وكذا الثالث لا دَخْلَ فيه للوقف، بل هي مسألةٌ عامَّةٌ في كلِّ ما قَضَى به القاضي في الفصول المختلفة فيها.

ثم إن أبا يوسف قد ذَاكَرَ مع الإِمام مالك في أربعة مسائل: في تحديد الصاع، والأذان قبل الفجر، والوقف، والرابعة لا أذكرها، وهي مذكورةٌ في شرح «الجامع الصغير». فلمَّا رَجَعَ من المدينة أَعْلَنَ في أول مَجْلِسٍ جَلَسَ: أني أَرْجِعُ في هذه المسائل الأربعة عن قول الإِمام الهُمَام.


= والله لا يحب الفساد؛ وليس النخل كذلك، لأن أصله مخلد في الأرض، لا يوصل إلى رد الأرض إلى ربها بوجه من الوجوه، وإن تطاول مكث النخل فيها -إلا بنزعها- فلما لم يكن هناك وقت ينتظر لم يكن لتأخير نزعها وجه، فلذلك كان الحكم فيها تعجيل قلعها عند الحكم، فهذا الفرق بين الزرع والنخل، والله أعلم بما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، اهـ.
وقد تعرض إليه الطحاوي في "معاني الآثار" ص ٢٦٤ - ج ٣، فقال: وجه ذلك عندنا على أن الزرع لا شيء له في الزرع يأخذه لنفسه، فيملكه، كما يملك الزرع الذي يزرعه في أرض نفسه، أو في أرض غيره، ممن قد أباح له الزرع فيها، ولكنه يأخذ نفقته وبذره، ويتصدق بما بقي، ثم احتج الطحاوي بأحاديث أخرجها: منها ما أخرجه عن مجاهد مرسلًا، قال: اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهم: على البذر، وقال الآخر: على العمل، وقال الآخر: على الفدان -والنسَخ- في ضبطه مختلفة، فزرعوا، ثم حصدوا، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الزرع لصاحب البذر، وجعل لصاحب العمل أجرًا معلومًا، وجعل لصاحب الفدان درهمًا في كل يوم، الخ. ثم قال الطحاوي: أفلا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفسد هذه المزرعة لم يجعل الزرع لصاحب الأرض، بل جعله لصاحب البذر، قال الشيخ: ومراسيل مجاهد مقبولة، عند الجمهور، وراجع "معاني الآثار" إن شئت التفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>