للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَسَمَّاهُ فَعَرَفْتُهُ. فَقُلْتُ هَلْ فِى غَنَمِكَ مِنْ لَبَنٍ فَقَالَ نَعَمْ. فَقُلْتُ هَلْ أَنْتَ حَالِبٌ لِى قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرْتُهُ فَاعْتَقَلَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ ضَرْعَهَا مِنَ الْغُبَارِ، ثُمَّ أَمَرْتُهُ أَنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فَقَالَ هَكَذَا - ضَرَبَ إِحْدَى كَفَّيْهِ بِالأُخْرَى - فَحَلَبَ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَقَدْ جَعَلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً عَلَى فَمِهَا خِرْقَةٌ، فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. أطرافه ٣٦١٥، ٣٦٥٢، ٣٩٠٨، ٣٩١٧، ٥٦٠٧ - تحفة ٦٥٨٧ - ١٦٧/ ٣

٢٤٣٩ - قوله: (فاعْتَقَل شاةً مِن غَنَمه) والاعتقَال أَنْ تأخذ بِرْجليها المُؤخَرَتَيْن في فَخذيك للحَلب. ولما كانت مواشِيهم في البادية، ولا يكون هناك أَحَدٌ يشرب لَبَنَها، فكان عُرفهم قد جرى بإِجازة الشُّرْب للمارًّة، فإِنَّه خيرُ من التَّلَف. فإِنْ قيل: إنًّ الشِّياه كانت لرجلٍ كافر، ولو اطّلع على أنَّ لبن ماشيته يَشْرَبُه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم لم يرض به قَطْعًا. وأجيب أنَّ العُرف إذا جرى بالإِذْن للمارَّة، فلا حاجةَ إذًا إلى الإِذن الخُصوصي، وكفى الإِذنُ العام (١).

...


(١) قلت: وفي سؤال أبي بكر، ممن أنت؟ دليلٌ على أنه لو عَلِمه لما سَخِط أيضًا، لما عسى أن تكون بينه وبينه مودةٌ، والله تعالى أعلم بالصواب. وفي تقرير مولانا عبد القدير أنَّ الزَّمَخْشري أجاب عن الإِيراد، بأنَّ مالَ الحربي يجوزُ أَخذُه إذا عُلِمَ رضاؤه. وذَكَر ذلك في قِصة أَخْذ أُمِّ موسى عليه الصلاة والسلام الأُجرة -أي أجرة الرضاعة- من فرعونَ، مع استحقاقها. وأقول: هذا السؤالُ لغوٌ لا حاجةَ إلى الجواب عنه، كيف! وأن الشرائع مختلفة بحسب الأحكام، فمن أين علم أن حرمة الأجرة في مثله كانت في شريعتهم: فلا ينبغي التعرُّضُ إلى السؤال والجواب. وأجاب السُّيوطي في سورة "القصص" أيضًا بما ذكره صاحب "الكشاف"، ولكن مخالفٌ لمسلكهم، ولم يتنبه له. انتهى بلفظه. وتكلَّم عليه الشيخُ العيْنيُّ في "عُمْدة القاري".

<<  <  ج: ص:  >  >>