للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِى الْغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِى إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ». تحفة ٩٠٤٧ - ١٨١/ ٣

ذهب البخاريُّ إلى جوازِ قِسمة المَكِيلات والمَوْزُونات في الَّنْهِدِ مُجازفةً. والنِّهِدُ أن يَنْثُرَ الرُّفقةُ زادَهم على سُفْرةٍ واحدةٍ ليأكلوا جميعًا، بدون تقسيم، ففيه شَرِكةٌ أوَّلا، وتقسيمٌ آخِرًا، ولا ريبَ أنه تقسيمٌ على المجازفةِ لا غير، مع التَّفاوُتِ في الأَكلِ وهذه الترجمةُ إحْدَى التَّرْجمتين اللَّتين حَكُم عليهما ابنُ بَطَّال أنهما خِلافُ الإِجماع؛ فإِنَّ المَكِيلات والمَوْزُونات من الأموال الرِّبوية، والمجازفة فيها تُؤدِّي إلى الرِّبا، وقد مر معنا الجواب، أنها ليست من باب المعاوضات التي تجري فيها المماكسةُ، أو تدخلُ تحت الحُكْم، وإنما هي من باب التسامح، والتعامل؛ وكيف تكونُ ضَيَّق على نفسه، فأدخل مسأَلة الدِّياناتِ في الحُكْم، فأشكل عليه الأَمْر.

قوله: (كذلك مُجازَفَةُ الذَّهَبِ والفِضَّة) ... الخ، تدرَّج من الطعام إلى الأموال الربوية؛ ولا بأس بالمجازَفَةِ فيها أيضًا ما لم تكن من باب المعاوضات، والبِياعات، وكانت على التسامح كالأمور البَيْنَّة.

٢٤٨٣ - قوله: (فإِذا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرْب) ... الخ، فيه تصريحٌ بِكَوْن «العَنْبر» حُوتًا، فلا دليلَ فيه على جوازِ أكل حيواناتِ البحر غيرِ الحوتِ، فاحفظه.

قوله: (فَتَنْحَرُ جَزُوا. فَتُقْسَم عَشْر قِسَم، فتأكُلُ لحَمًا نَضِيحًا) ... الخ قد يُسْتدلَ به على تعجيل العَصْر، ولا دليلَ فيه أصلا، فإِنَّه يمكنُ مِثَلُه بعد المِثْلَين أيضًا. وقد نُقِلَ عن بعض السلاطين ما هو أعجبُ منه؛ حُكِي عن بعض سلاطين دِلْهي يُصلِّي صلاةَ العيد، ثُم يَنْحرُ أُضْحيته، فإِذا فَرَغ من الخْطبة، فإِذا اللَّحم قد نضج، فكان يأكلُ.

واعلم أن ما في فِقْه الحنفية من أن رجالا إذا اشتركوا في أُضحيةٍ، ينبغي أن يحذروا من المجازفةِ في القِسْمة، وعليهم أن يَقْسِموا اللَّحْمَ وَزْنًا. أقول من عند نفسي: وذلك عند مخافةِ النِّزاع، وإلا جازت المجازفةُ أيضًا، فإِني جرَّبت أن المجازفة قد سِرْت في غير واحدٍ من المواضع عند المسامحة، وإنما القواعدُ عند ظهور النِّزاع.

٢ - باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِى الصَّدَقَةِ

٢٤٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ». أطرافه ١٤٤٨، ١٤٥٠، ١٤٥١، ١٤٥٣، ١٤٥٤، ١٤٥٥، ٣١٠٦، ٥٨٧٨، ٦٩٥٥ تحفة ٦٥٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>