للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الراهن مِن ثمن العَلَف، فإِنَّ المرتهن لا يجده في كل وقت ليأخذ منه ثمن العلف، فإذا صرفه من نفقته، طاب له اللبن إن كان على شَرف التَّلف.

وهكذا أقول في الفرس، فإِنَّه من الدوابِّ التي أُعِدت للركوب؛ ولو لم نُرَخِّص له بالرُّكوب، يلزم تَعَطُّلُها عن منافعها؛ فقلنا: إنه جائزٌ للمرتَهِن، ويُحاسب عما يجِب عليه مِن ثمن عَلَفِه، ومن ههنا ظهر وَجْه تخصيص المركوب والمحلوب في الحديث؛ فإِن اللبن مما يَفْسُد، والفرسَ إذا تعطل عن الركوب ضَاع، فلم يناسِب أن يضيعَ اللَّبن، وتتعطَّلَ الدابةُ، فأباحهما له من هذه الحاجةِ. فثبت أن المرادَ من الحديث هو ما فهِمه أحمدُ؛ نعم أخرجا لأَنْفُسِنا مَخْلَصًا منه.

ثُم إنَّ الحافظ ابنَ تيميةَ فَرَّع عليه تفريعات، وادَّعى أن الحديث يدلُّ على جوازِ الاستمتاع من المرهونِ مُطْلقًا سواء كان مَرْكوبًا، أو غيرَ ذلك. قلت: (١) أما الحُكْم في الفرس، والحَلوب، فكما في الحديث، لمكان الحاجةِ فيهما، على ما عَلِمت؛ وأما ادعاؤه الإِطلاق، فذاك أمرٌ يَحْمِلُه هو، لأنه لا حاجةَ في غيرهما.

والحاصل في وجه التَّفضِّي عن الحديث أن المرتَهِن ليس عليه أن يتتبع الراهِن لأَخْذِ أُجرةِ العَلَف، فله أن يَشْرب من لبنِه، ويركب ظهرَه، ويكون عليه ثمنُ العَلَف، ويقتص هذا بهذا، فعملت بِقَدْر ما نطق به الحديث، وتركت تفاريعَ ابن تيميةَ في التعميم، وذكرت وجهًا للمذهب هذا.

٥ - بابُ الرَّهْنِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ

٢٥١٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِىٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. أطرافه ٢٠٦٨، ٢٠٩٦، ٢٢٠٠، ٢٢٥١، ٢٢٥٢، ٢٣٨٦، ٢٥٠٩، ٢٩١٦، ٤٤٦٧ تحفة ١٥٩٤٨

٦ - باب إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ، فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

٢٥١٤ - حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. طرفاه ٢٦٦٨، ٤٥٥٢ - تحفة ٥٧٩٢


(١) قال ابن حزم في "المحلى": ومنافع الرهن كلها لا نحاشي منها شيئًا لصاحب الرهن، كما كانت قبل الرهن، ولا فرق حاشي ركوب الدابة المرهونة، وحاشي لبن الحيوان المرهون، فإنه لصاحب الرهن، إلى أن يضيعها، فلا ينفق عليهما، وينفق على كل ذلك المرتهن، فيكون له حينئذ الركوب واللبن بما أنفق، لا يحاسب به من دينه، كثر ذلك لأنه ملك الراهن باق في الرهن -والرهن- لم يخرج عن ملكه، لكن الركوب والاحتلاب خاصة لمن أنفق على المركوب والمحلوب، لحديث أبي هريرة، اهـ. ص ١٩٧ - ج ٦: "عمدة القاري".

<<  <  ج: ص:  >  >>